أكمل دراسته وحصل على وظيفته وبدأ كل من حوله بسؤاله: متى ستتزوج؟ وأصبح كل من يجامله لا بد أن ينهي كلامه بـ الله يسعدك ويرزقك ببنت الحلال! وكل ما حوله يصور له أن السعادة والهناء في الزواج. تزوج ولكنه هو وزوجته لم يريا تلك السعادة! وتساءلا: لماذا كنا سعداء قبل الزواج بعكس ما نحن عليه الآن؟!
الأغلبية إن لم يكن الجميع يربطون السعادة بالزواج، فبمجرد أن تصبح «متزوجا» أو تصبحين «متزوجة» فأنت سعيد! بينما الزواج ليس إلا مرحلة جديدة ينتقل إليها الشخص وبعد هذا الانتقال لا بد من بناء الدعائم التي تكبر فيها هذه العلاقة وتمتد جذورها في العمق. ارتباطك بالطرف الآخر ليس عقدا للسعادة بل مشروع واستثمار من المفترض العمل عليه ليكون سعيدا! ولعلي أذكر بعض ما يخص هذا الموضوع، إذ إن الأمور التي تحكم العلاقات والمراحل الجديدة بشكل عام والعلاقات الزوجية على وجه الخصوص يطول شرحها.
من قراءاتي لكثير من المواقف - ويبقى ما أقوله نظرة شخصية قد يصلح تعميمها وقد لا يصلح - وجدت أن من أسباب عدم السعادة فشل الانتقال النفسي للمرحلة الجديدة! كيف؟ بعد الزواج وبدلا من التكيف مع الوضع الجديد تجد الزوج يحاول إكمال جدول حياته القديم من نشاطات ترفيهية ومجتمعية ومخططات مستقبلية دون أن يتعارض هذا مع زواجه، لذلك يتم تصوير الزواج لا شعوريا كعائق أمام مجريات الحياة القديمة، وبعد فترة من المحاولة يحتد الصدام بين الحياة القديمة والجديدة ويكون المرء أمام خيارين إما التكيف وإما الهروب! والهروب باعتقادي أسهل خصوصا عندما تجد له تبريرات مجتمعية معززة له! عندما يرى الزوج أن من حوله يتشاركون الشكوى ويحنون لسعادتهم القديمة أيام «العزوبية» يطبع في وعي الشخص أن ما يقوم به طبيعي! وهنا تبدأ المصيبة، مصيبة التطبيع مع فكرة أن السعادة شيء يتعارض مع الزواج! والكلام هنا عن الزوج لا ينفي أن للزوجة أيضا طرقا للهروب والحنين للماضي!
كل العلاقات تحتاج من يبنيها، الزواج هو العلاقة الأهم أولا وأخيرا، وبدلا من الهروب لا بد من بذل الجهد ليعاد تعريف السعادة في عقلك، لا بد من صنع سعادات جديدة أساسها العلاقة الزوجية حتى لو كنت ستمثل تلك السعادة مبدئيا، ومع الوقت سيتغير قاموس سعاداتك! ستصبح الأوقات الماضية سعادة تناسب مرحلة سابقة وتصبح حياتك الحالية سعادة تمثل الحالة الجديدة! تماما كالحب يكبر مع الوقت ولا يكون جاهزا مكتملا في البدايات مهما كان كبيرا!
الزواج مشروع عليك بناؤه ليكون مصدر السعادة الجديد وليس جرعة جاهزة للسعادة، فالزواج كفعل لا يعطينا السعادة، السعادة تبدأ عندما ينتقل عقلك ووعيك للمرحلة وينسجم معها. السعادة طريقة تفكير ومهارات تكيف وليست قرينة مرحلة أو حقبة زمنية معينة! وتذكر أن الزواج حياة جديدة لها مقومات سعادة تخصها وليست إضافة للحياة القديمة!
DrNawras@