بدعوة كريمة من وحدة دراسات المرأة في جامعة الكويت شاركت بورقة حول دور المنظمات غير الحكومية في التمكين السياسي للمرأة، وعندما يتم الحديث عن تمكين المرأة السياسي فالمقصود به زيادة تواجد المرأة في مختلف مراكز القرار، سواء كان ذلك القرار سياسيا او اداريا او اقتصاديا، وبالتالي زيادة تواجد المرأة في عضوية مجلس الامة ومجلس الوزراء ومجالس ادارات الجمعيات التعاونية والخيرية والاهلية والبنوك والشركات وغيرها.
وأشرت في ورقتي الى العوائق التي اراها امام تلك المشاركة، وهي في الغالب عوائق تتعلق بقيم ومفاهيم وطريقة تفكير، وتتماثل تجربتنا في ذلك بتجربة سوانا من الدول الاخرى، فمن الاعتقادات الخاطئة والسائدة بين الرجال والنساء على السواء ان السياسة ليست مكانا للمرأة، وأنها لن تجيد اللعبة السياسية مهما حاولت لاسباب لها علاقة بتركيبها، وفي هذا الاطار يتم تضخيم اخطاء السيدات اللواتي شاركن في التجارب السياسية والادارية للتأكيد على ذلك الضعف في القدرة، ويتم التندر بالمرأة القائدة، كما يتم استخدام الفتاوى الدينية للتأكيد على عدم جواز تلك المشاركة.
والعائق الثاني يتمثل بالتأكيد على انه مادام القانون قد اجاز للمرأة الترشح في المجالس المختلفة، فان عدم نجاحها في الوصول لمراكز القرار دليل ضعفها المشار اليه، مغفلين القيم السلبية التي تعيق مشاركة المرأة مثل التشكيك في قدرتها السياسية، ومغفلين ابعاد المرأة لقرون عن المشاركة السياسية مما اضعف خبرتها في ذلك، ومغفلين هيمنة وسائل التواصل السياسية التي اسسها الرجال خلال السنوات السابقة والتي لا تدخلها النساء الا على نطاق ضيق كالديوانية مثلا.
ثالثا اعتقاد الكثيرين ان تمكين المرأة هو عمل منوط بالمرأة وبالجمعيات النسائية بالذات، وليس للآخرين دور فيه، وهذا المفهوم نراه حتى لدى الحكومة التي لا تمتلك خطة او رؤية لتمكين المرأة على الاطلاق.
واقترحت ان تقوم الجمعيات النسائية بالتالي: اولا تخصيص لجنة خاصة لقضية تمكين المرأة في كل جمعية نسائية ضمن رؤية وبرنامج عمل سنوي، كذلك ضرورة انشاء شبكة علاقات مع جمعيات النفع العام غير الحكومية الاخرى ومع الحكومة والبرلمان لتعزيز تمكين المرأة، وكذلك التعاون مع وحدة دراسات المرأة التي تستضيفنا اليوم للاستعجال باستكمال انشاء مركز معلومات خاص بالمرأة يرسم خريطة احصائية لواقع المرأة في مراكز القرار، ويراجع ضمن دراساته القوانين الكويتية للتنبيه الى اماكن الخلل والتمييز ضد المرأة، وربما طرح القوانين البديلة، ولابد ايضا من مراكز لتدريب المرأة ورفع كفاءتها السياسية والقيادية، وأخيرا لابد من خطة توعوية جادة وواضحة لها جناح اعلامي وآخر اجتماعي لعمل تغيير حقيقي في ثقافة المجتمع.
ختاما، ان التغيير يحتاج لوقت وعمل دؤوب وتكاتف للجهود، وبغير ذلك فهو لن يثمر، وان اثمر فان ذلك سيحتاج الى أضعاف الوقت الذي يحتاجه التغيير المدروس المنظم، وأتمنى ان ينال تمكين المرأة ما يستحقه من اهتمام ورعاية.
[email protected]