إلى من علمتني أن القلب يفكر وأن العقل يحب، أن الحب عطاء دون انتظار لمقابل، أن المشاعر الدافئة الفياضة لا ينضب معينها، أن العود لا كرامة له إلا في حزمته، أن الحياة لا تعرف الهدايا المجانية، فكل منحة بمحنة وكل درس بثمن، أن الانحناء عار وأنني كالأشجار لا أموت إلا واقفا، أن الغاية لا يمكن أن تبررها الوسيلة، وأن الوطن هو الرقم الأصعب الذي لا يقبل المساومة ولا يعرف الحياد.
علمتني أمي أن أنشغل بنفسي ولا انشغل بشؤون الآخرين، أن الانتظار ضعف والاشتياق خذلان، أن الرجولة والحب أفعال، وأن من يحبك يضعك وكل ما يهمك أولوية في حياته، أن الحياة وإن طالت قصيرة، وأن الصدق والأمانة في حياتنا يجب أن يكونا أسلوب حياتنا وخارطة طريقها.
هكذا قالت أمي وهكذا علمتنا، لكنها لم تعلمنا ماذا نفعل بعد الرحيل، كيف نقاوم الاشتياق وقسوة وبرودة الأيام بدونها؟ رحلت أمي وبقيت كلماتها.. غابت عن عيني وذكراها العطرة ومواقفها وضحكاتها وابتساماتها لا تفارقني.
للمرة الأولى يأتي عيد الأم من دونك وأنا لا أعرف لمن اقدم الهدية، يا وطن كان يسعني عندما تضيق بي الأمكنة، كل عام وانت تاج على رأسي حتى وان فرقنا الموت.. كل عام وأنت فريضتي الحاضرة وإن غبت.
كل عام وأنت الفرحة لكل يوم، ومفتاح الرضا وباب المغفرة.
اللهم اجعل أمي سيدة من سيدات أهل الجنة.. اللهم ارحمها رحمة واسعة وتجاوز عن سيئاتها وزد في حسناتها.
٭ خلاصة الكلام: ماتت التي كنت ترزقني وترحمني يا ربي من أجلها، فوفقني لأعمل عملا صالحا ترزقني وترحمني من أجله.
[email protected]