في القاهرة يستحي التاريخ من عراقة المدينة، فلكل شارع قصة ولكل حارة حكاية، في القاهرة يحتار كاتب التاريخ بأي الفصول يبدأ.. فلا يكاد يخلو شبر من المدينة من ملامح حضارة بارزة للعيان تحمل بصمات كل من مروا على الطرقات وتحتفظ بأشكال وصور كل من عاشوا في أحضانها، فالمدينة وفية لكل من بنى فيها حجرا أو رسم على جدرانها لوحة أو عزف في أرجائها لحنا أو صنع من أحجارها تمثالا.
في القاهرة بائع تبغ يحمل ملامح الفراعين، وماسح أحذية يجيد رسم خرائط المدينة ويعلم مواطن هبوب الرياح، وعامل إسطبل عند سفح الهرم مثقف يجيد أكثر من لغة، وبائع لغزل البنات يميز أطفال الحي مزماره الشجي.
في القاهرة لن يسألك الناس عن جنسيتك أو أصلك وفصلك لأنها تتزين بدفء تفتقده في أي مدينة أخرى، تتحلى بحزام من الألفة ويجمعها رباط من المودة ولا تميز بين من تعرف ومن لا تعرف، كل خطوة بابتسامة، وكل نظرة بسلام، فهي مدينة الغريب ووجهة الوحيد وعوض كل فاقد لحبيب فكل الناس أهلك وكل العيون دارك.
في القاهرة حكايات لا تمل وقصص مبهرة لا تجهد نفسك في السؤال عنها فوجوه الناس وتجاعيد كبار السن تحكي قصصا رائعة للكفاح، إلا أن المدينة الكتومة لم تتعلم إلى الآن كيف تبوح بكامل أسرارها.
القاهرة مدينة كل المقاصد، فهي وجهة محبي التاريخ، يجدون فيها بغيتهم، فالتاريخ نفسه ولد هنا، وللطبيعة فيها سحر وللترفيه فيها عنوان، وما كان مرور العائلة المقدسة ولا اختيار آل بيت النبي والعديد من أولياء الله الصالحين لها موطنا محض مصادفة ولكن كان اختيارا إلهيا عنوانه «ادخلوها بسلام آمنين».
القاهرة مدينة الصمود، قهرت كل عدوان وتكسرت على ابوابها مطامع كل غازٍ وكل معتد أثيم.
القاهرة مدينة الأمل القادم وعودة الروح. كل عام ومصر بألف خير بمناسبة نصر أكتوبر العظيم.
خلاصة الكلام: قال أمير الشعراء أحمد شوقي
لم تنزل الشمس ميزانا ولا صعدت
في عرشها الضخم واد مثل وادينا
[email protected]