يحتل القرن الأول للهجرة مكانة مهمة في الكتب التاريخية التي توثق الحركة العلمية والثقافية في تاريخ الإسلام، إذ إنه المصدر الذي انبثقت منه الاتجاهات الفكرية والاجتماعية.
وعلى الرغم من أنها أيام ولت وانتهت إلا أن أكثر ما كان يميزها هو ريادة علمائها في الوصول إلى المعرفة بأنواعها والعلوم والرياضيات والطب والفلسفة والأسبقية الساحقة التي أقصت ما دونها فجعلت من الإسلام مصدر المعارف الأول ومنهل العلوم الأدبية والجغرافية بينما باقي العالم يكون تابعا له.
وانه بالملاحظة البسيطة للمناهج الدراسية اليوم ومع عودة الموسم الدراسي فإن ما يحدث عكس ما كان تماما، وليس من شيم الاجتهاد والمعرفة والأسبقية أن نوصم بوصمة رجعية بائسة أو لا نكون سوى تابعين غارقين في الكسل والصبر منتظرين العلم ممن يجتهد ويعلم، فهذه الصورة ليست صورة العرب ولا وجه الإسلام الذي عرف به.
فلا الكتب التي تدرس اليوم كتبنا ولا العلوم الموجودة من اكتشافنا وحسابنا، نقلب كتب الفلسفة فنجد جون لوك وديكارت بصفحات كبيرة ونكاد لا نرى إلا أجزاء يسيرة مختصرة عن ابن سينا وابن الهيثم وابن خلدون، وذلك أن تهميش الدور العربي من العرب أنفسهم لا يستطيل إلى المضمون فحسب وإنما إلي نسيان علمائهم الذين صنعوا التاريخ يوما وشكلوا الحياة بعلمهم وقادوا العالم.. يوما.
وقد ثبت بشكل واضح أن العلوم الإسلامية والاجتماعية الحديثة هي صورة متأثرة بما يجري عليه الحال بالغرب، ولا يتلقون تدريبا إضافيا معروفا في مجال الإسلاميات بعد ما كانوا قد تشبعوا بالآراء والنظريات الغربية، نتيجة ذلك أن تتشكل طريقة سطحية تقدم أفكارا غربية في ثوب الأيديولوجية الإسلامية الغربية.
وقد أدى هذا الوضع إلى إبعاد شبابنا عن دينهم وعن ثقافتهم وعن مجتمعهم.
لا علاج أفضل من الاهتمام بتدريس تاريخ العلوم عند المسلمين وإنجازاتهم في مجالات التقدم العلمي والحضاري وأثر ذلك على الحضارات الغربية، وترجمة روائع الآداب الإسلامية إلى اللغات التي تتكلم بها الشعوب الإسلامية.
ويقع على مسؤولية الدول تحفيز البحث العلمي وتشجيع الاختراع وعمل مسابقات للأفراد حتى يتشجعوا للإنتاج الفكري ويكونوا هم قادة التطور العربي والإسلامي وبسواعدهم تعود العلوم الإسلامية إلى مكانتها السابقة وعلى الطلبة المسلمين أن يدرسوا تراثهم الفكري الإسلامي قبل دراسة الفلسفة العربية الحديثة.