إن الحياة في نظر الإنسان كيان غير ثابت، كيان متغير، يتطور بمرور الزمن وبازدياد التجارب، وان هذا الكيان يصقل شخصياتنا ويشكل قراراتها وقسمات حياتنا، ومن لا يتغير بمرور الزمن يعني أنه لم يمر بتجارب تصقله وتصنع منه ذاته. أو الأسوأ أنه مر بتجارب دون أن يستفيد منها.
فالتجربة هي مصنع المبادئ منها يشكل الإنسان قراراته ومن علمها يتأدب فيختار أن يكون شخصا عادلا، أو شخصا فضيلا، ثم يميل إلى تبني الصفات التي يود أن يكون عليها أو أن يعامل بها.
منذ بداية الألفية الثالثة تغيرت الحياة كثيرا، وبصفتي شخص عاصر نهايات الألفية الثانية بين موطن احتضنني وديار زرتها في سبيل العلم، أراقب الناس في حضورهم ورحيلهم، تؤدبهم الحياة كفصل خريف أبى أن يرحل دون أن ينتزع أوراق الشجر الزائفة عن غصنها النقي، فتتشكل شخصياتهم وتتكون قناعاتهم ويقوى غصنهم لمواجهة الحياة.
إن تجربة الأجيال السابقة عظيمة في تعليم الجيل الحالي ولكنها لا تغني عن التجربة الجديدة التي يمرون بها ليواكبوا تطورات الحياة ويواجهونها.
وإن المرء تتغير به حياته فتشتد به مرة ومرة يراها ربيعا ومرة يراها شتاء قاسيا، وحريا به التعلم من كل هذه التجارب الجديدة التي لم تنشأ او تكون في ظل الجيل السابق.
فهناك الكثير ممن سيصادفونه في حياتهم لا نملك من خبرته شيئا، ذلك أن تجاربنا الحياتية تختلف عنهم وهم الجيل الأحدث الذي يواكب التطور ولكنه يظل بحاجة إلى النصح والإرشاد.
اليوم، ومع تغير مفهوم الحرية الذي كان سابقا يقتصر على رفع الاغلال عن يد المستعبدين، فقد تطور مفهوم الحرية الى حق التعبير وحرية الفكر فأصبح، لكل شخص الحق في التعبير عن رأيه بكل الوسائل الممنوحة له دون المساس بالنظام العام والآداب، وأن هذه الحرية كان أول من وضع أساساتها هو الدين الإسلامي.
وفي المستقبل شكل الحرية سيختلف أيضا فهو كينونة دائمة التطور والتغيير ولمواجهة هذا التغير يجب أن نزرع في ابنائنا تعاليم الاسلام الحقة، فهي البوصلة نحو تكييف التغيير لما هو حسن وفي مصلحة الفرد دون الانحياز إلى مفهوم الحرية الخاطئ.
ويجب أن نزرع في أبنائنا حب تعاليم الاسلام والاقتداء بأفعال الله ورسوله فقد زرع الله بهم في البداية الفطرة السليمة التي تميز بين الحق والباطل وبقي علينا تربية هذه الفطرة على ما يدعم ديننا ويحمي أبناءنا.