أتدرون من حاتم الطائي؟ حاتم الطائي هو الذي ضرب به المثل في الكرم والشيم العربية الأصيلة، حاتم الطائي الذي كان إذا أتى الليل أمر غلامه ان يوقد النار حتى يهتدي بها من ضل طريقه فيأوي إلى منزل حاتم، هو الذي قال لغلامه:
أوقد فإن الليل قر
والريح يا موقد ريح صر
عسى ان يرى نارك من يمر
ان جلبت ضيفا فأنت حر
حاتم الطائي الذي يفخر بقوله:
وإني لعبد الضيف ما دام ثاويا
وما في إلا تلك من شيمة العبد
لقد كانت زيارتنا بالأمس الى حائل رحلة الى زمن حاتم الطائي.. وقد كان لنا شرف هذه الزيارة الى حائل عروس الشمال في المملكة العربية السعودية، تلبية لدعوة كريمة من الأخ فهد بن رشيد الظفيري واخوانه وبصحبة الأخ الفاضل وبدان بن رومي بن سلطان بن سويط وأبنائه.
كانت رحلة شيقة وجميلة قطعنا خلالها أكثر من 700 كم ليستقر بنا المقام في ديوان الاخ فهد بن رشيد الظفيري واخوانه في منطقة السمرة التي تضمها تلك الجبال الشامخة التي تقابل جبل «أجا» ذلك الجبل التاريخي الذي يحتضن محافظة حائل من جهة الغرب، ويتكامل مع جبل «سلمى» الذي يقع في الجزء الجنوبي الشرقي لمحافظة حائل. ان ما وجدناه من حسن استقبال وحفاوة بالغة وكرم في الضيافة من قبل الاخ فهد بن رشيد الظفيري ومن اخوانه خاصة، وأهل حائل عامة، يحتم علينا إعادة قراءة التاريخ مرة أخرى لنقف على حقيقة ثابتة مهمة هي ان كل من كتب عن الكرم وأهله من عهد حاتم وما سبقه من عصور سحيقة وما تلاه من حراك للمجتمعات نحو الأفضل ينبغي ان يقف إجلالا وفخرا واعتزازا بكرم أهل حائل، الكرم بمعناه الشامل، كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال وأصالة القيم والشيم بكل أشكالها وأنواعها، تلك الصفات الحميدة والشيم العربية الأصيلة المتجذرة في نفوس وعقول أهل حائل والتي تناقلتها الأجيال جيلا بعد جيل وحافظوا عليها محافظة جبل «أجا» وجبل «سلمى» واحتضانهما لأهل حائل وضواحيها، فنعم الموطن حائل، ونعم الأمة أبناء حائل، ونعم السلوك البشري الذي نباهي به سلوكهم وأصالتهم وقيمهم.
لقد قدر لي زيارة كثير من البلدان في العالم وشاهدت هناك أنماطا من السلوك البشري الذي جنح بشدة نحو المادية، ومن ثم فإنني أسجل هنا ان ما شاهدته في حائل ومن خلالها أهلها الكرام يستحق منا كل إجلال وتقدير واعتزاز وستبقى هذه الزيارة خالدة في نفسي ما حييت.
وإذا كانت هناك بلدان وأمم تحاول ان تجعل الكرم والسخاء غايتها فإنني أسجل في هذا المقام حقيقة ثابتة لا تقبل التأويل وهي ان من أراد ان يتعلم الكرم الحاتمي بأنواعه المختلفة فعليه الذهاب الى أهل حائل.