علمتنا السنة الماضية كثيرا من الدروس، وهنا اتضح لنا العديد من جوانب حياتنا التي كنا بحاجة إلى تغييرها بشكل عاجل وفي ظل ظروف قاسية، إذ بمجرد أن بدأت العاصفة في الاستقرار، ظهر التأثير المدمر لها.
ومن الخسائر الشخصية إلى الكوابيس اللوجستية، وجدنا أنفسنا في خضم صراع داخلي لا مفر منه، لم نكن مشغولين بتجنبه بسبب تباطؤ حياتنا بشكل غير متوقع.
وعلى عكس الاعتقاد الشائع، فإن الأسئلة التي أجبرنا على طرحها على أنفسنا سواء كان ذلك على المستوى الشخصي أو المستوى المهني، ربما قادتنا إلى طريق مظلم، لكنها في الواقع أظهرت لنا ما نقدره حقا، وما هو مهم بالفعل في حياتنا.
في الوقت الحاضر، أصبح الناس أكثر وعياً لأن الوباء حدد فجأة عيوبنا الجماعية وذكرنا بما هو ضروري لوجودنا، إذ كان هذا واضحا في حياتنا الشخصية وفي الخيارات التي اتخذناها عندما اندمجنا مرة أخرى في عمق «عاداتنا»، حينها حدث تحول واع سواء كان ذلك عن قصد أو بغير قصد، إلى الأفعال والقرارات الطائشة التي اعتدنا على اتخاذها.
وبالنسبة إلى البعض، كانت هذه هي القهوة التي لا داعي لها والتي تم شراؤها قبل الذهاب إلى العمل.
أما بالنسبة لآخرين، ربما كانت لحظة فهم أو قرار يغير حياتهم، ونتيجة لهذه اليقظة العرضية أيضا واجهت المنظمات من جميع الأحجام وفي كل قطاع نزوحا هائلا من المواهب.
وعلى سبيل المثال، أكدت دراسة حديثة أجرتها شركة الاستشارات «McKinsey» أن استقالات الموظفين حول العالم ارتفعت بنسبة 60% من متوسطهم التاريخي المعتاد، ولاحظت أيضا أنه بنسبة 40% في المتوسط من الموظفين في مختلف الصناعات والبلدان يفكرون في الاستقالة خلال الـ 16 من الشهور القادمة.
وهذه الإحصائيات ليست من قبيل الصدفة، بل على الأرجح هي نتائج القرارات الواعية التي اتخذها الأفراد الذين قيموا خيارات حياتهم.
ومع اقتراب العام الجديد، من المهم مواصلة العمل على هذه الاكتشافات الذاتية التي حققناها حتى الآن، مهما كانت التجربة لكل فرد سواء إيجابية أم سلبية، طواعية أم غير إرادية، فمن المحتمل أنها غيرت مسار حياتك حتما نحو مسار ذي معنى أكبر، لكنه قد يكون أيضا إيجابيا للغاية لمجتمعنا الأكبر، خاصة إذا كان بإمكان كل شخص منا تعزيز هذا الزخم من خلال مراعاة دورنا ومسؤوليتنا على مستوى أكبر.
مع هذه العقلية الجديدة، يمكننا بشكل أفضل معالجة العديد من الجوانب السلبية لمجتمعنا، والقضايا التي ربما نكون قد ساهمنا فيها لا إراديا أو بشكل غير مباشر كالاستدامة والبيئة وحتى الفساد.
ومع هذه العقلية الجديدة، ننتظر نتائج جديدة بفارغ الصبر، لذا حظا سعيدا لنا جميعا.
dr_randa_db@