كان اختيار دولة قطر الشقيقة الشجاع لاستضافة مونديال كأس العالم مصدر جدل كبير، حيث وجدت الدولة الخليجية الصغيرة في المساحة والغنية بالطاقة نفسها مدانة باستمرار في وسائل الإعلام بسبب ادعاءات مختلفة، بما في ذلك سوء معاملة العمال المهاجرين والمواقف المتعلقة بها للعديد من الموضوعات الاجتماعية المختلفة.
مع الأسف، خلال فترة التمهيد للبطولة سيطرت على التغطية الإعلامية الغربية الجدل المحيط بالحدث وليس الرياضة نفسها، ومع ذلك رد منتقدو هذه التغطية على أن الدول الأخرى التي لديها سجلات مشكوك فيها في مجال حقوق الإنسان لم تتعرض لمثل هذا التدقيق عند استضافة الأحداث الرياضية العالمية.
ونتيجة للصحافة السلبية، اتخذت بعض الدول إجراءات، مثل أجزاء من فرنسا التي قررت عدم بث مباريات كأس العالم علنا، وأيضا دول أخرى كالولايات المتحدة الأميركية وإنجلترا اللتان خططتا في البداية لارتداء شارات «قوس قزح» المحظورة احتجاجا على ذلك وامتنعت محطة الإذاعة البريطانية «BBC» عن بث حفل الافتتاح، واختارت بدلا من ذلك تغطية الانتقادات للدولة المضيفة.
مع هذا كله، يعتقد الخبراء أن التغطية السلبية لقطر أظهرت عمق التحيز الغربي والغضب اللا أخلاقي الأدائي والمعايير المزدوجة الجسيمة، لاسيما من الكيانات التي من الواضح أنها متورطة في انتهاكات حقوق الإنسان داخل وعبر حدودها.
قطر.. أول دولة عربية، وأول دولة مسلمة تستضيف مونديال كأس العالم أو الألعاب الأولمبية وأصغر دولة تقوم بذلك، فهي تسير على حبل مشدود بين القيم العربية والأعراف الغربية متجهة نحو مستقبل إيجابي.
كان من المتوقع أن يأتي الكثير من المعجبين بعقلية غربية للغاية مفادها أن أي شيء يفعلونه هو ببساطة الشيء الصحيح وأي شيء يتعارض مع ذلك هو أمر عكسي.
لكن في النهاية، انتصر الشعب القطري وخاض معارك غير معلنة من خلال ضيافتهم العربية التي لا مثيل لها ممتزجة مع روح الترحيب، تاركين غالبية الغرب الزوار مندهشين من سحرهم، مع ترك التحيز غير المبرر وراءهم.
وكما أشار رئيس الفيفا بقوله «من النفاق أن يعطي الغرب دروسا في الأخلاق للآخرين». علاوة على ذلك فإن سجلات حقوق الإنسان في دولة قطر، كما تدعي بعض المصادر أنها فقيرة، لا يمكن أن تكون أكثر فظاعة من دول أخرى مثل روسيا والصين وإسرائيل الصهيونية، حيث إن الدولة المضيفة لا تشارك بالتأكيد في التطهير العرقي، ولا يعيش المهاجرون فيها داخل معسكرات الاعتقال، كما هو الحال في بعض الدول التي استضافت البطولة سابقا.
في هذا الحدث بالذات، لم يربح أمير دولة قطر الحبيب ـ الذي كان محبوبا أيضا من قائد الإنسانية أميرنا الراحل الشيخ صباح الأحمد رحمه الله ـ قلوب القادمين من الخارج بمشهد رائع فحسب، بل أفرح أيضا قلوب العرب تجاه بعضهم البعض من خلال إظهار الوحدة التي نسعى جاهدين للدفاع عنها.