المشهد الإعلامي سواء كان مقروءا أو مرئيا أو مسموعا في الوقت الحالي سرقته أحداث مواجهة فيروس كورونا.. والمشاهد التي تتصدر القنوات والصحف الورقية والإلكترونية، تبث ما يجري في المستشفيات والمحاجر الصحية، جنبا إلى جنب مع تغطية لجهود الطواقم الأمنية والعسكرية والمدنية في حفظ الاستقرار العام، ومثلها المتابعات الحثيثة للقائمين على تأمين السلع الغذائية وتوفيرها ومراقبة أسعارها.. فكلها وغيرها، ترسم لوحة كويتية أصيلة في التلاحم الوطني.
وبعيدا عن الأنظار، تظهر وزيرة الأشغال وزيرة الدولة لشؤون الإسكان د.رنا الفارس، واحدة من الشخصيات البارزة التي تترجم بحق، ما يجب أن يكون عليه من يتولى المنصب، وتبرهن أن الوزير ليس مكتبا وكرسيا وثيرا، بل هو أول من يكون في الميدان والشارع يتابع ويوجه ويراقب، ويحاسب أيضا.
فالوزيرة الفارس، التي لم يمض على تقلدها الحقيبة الوزارية إلا فترة بسيطة، لم تمارس التنظير والتصريحات الجوفاء في ملف حصى الطرقات المتطايرة، بل وضعته على سكة العلاج سريعا، ووجهت فرق وزارتها إلى إعادة إصلاح الشوارع، وها هي يوميا وحتى ساعات متقدمة من الليل تتنقل من شارع إلى آخر، تطمئن إلى سير العمل، حتى انقلب الحال، وتغيرت الصورة تماما.. بعدما ظل هذا الموضوع مشكلة لم يقدر على تغييرها أكثر من وزير.
«أخت الرجال».. ملف الشوارع، وقبله سرعة قياسية في إنجاز بناء محاجر صحية واسعة خدمة للاحترازات الطبية، ليس وحدهما شاهدين على اقتدار إدارتها، وتشريفها منصبها، بل قوة قراراتها وعدم ترددها في كشف كل شبهة، وإعلان التقصير، وإثبات الشفافية، وإنزال العقاب وتطبيق القانون.. حتى باتت بممارساتها، تؤكد المثل الشعبي: «لا تبوق ولا تخاف».
وخط سيرها الحالي، حتما يجعلنا متفائلين بالنهوض مجددا بمستوى البنية التحتية عموما التي ظهرت فيها وزارة الأشغال خلال سنين مضت بصورة قاتمة من التردي، وصور أحداث الأمطار ما زالت ماثلة في أذهاننا، ما يعني أن مسؤولي الوزارة، إن لم يكونوا على مستوى تطلعات وزيرتهم، ومجاراتها في الجهد، فإن كراسيهم ستتحرك من تحتهم لا محالة.. فبنت الفارس، هي هادئة المظهر، غير أنها في المحاسبة «سيف مصلت».
وإذا كانت «هذه الشابة» لها اليد البيضاء في تسريع عمليات إنشاء الحرم الجامعي في الشدادية، أيام عملها مديرة للبرنامج الإنشائي في جامعة الكويت، وانتشلته من الجمود وهدر الأموال، إلى مشروع أبصر النور.. فإن عهدنا بها خير في أن تقود الإسكان أيضا من مخططات ورقية، ومدن تصاميمها في الأدراج، إلى واقع ليس صعبا بلوغه، يمنح المواطن السكن خلال فترة بسيطة. دراسات كثيرة أكدت سهولة ألا تتجاوز الـ 5 سنوات من تقديم طلبه.
ربما الضغط على الفارس سيزيد.. وحالها كحال الوزراء كافة.. لسبب بسيط، فنحن اعتدنا في الكويت خلال الفترات الأخيرة، على حكومات متعثرة، ووزراء شاب غالبيتهم، تقصير واضح، لكن الحكومة الحالية نجحت إلى حد جيد في تغيير انطباعاتنا، ومشت نحو استعادة ثقتنا بها، وأعضاؤها يقدمون أداء متميزا.. ربما ظروف كورونا فرضتها ولا تعتبر مقياسا حقيقيا للحكم عليهم، لكنهم في جميع الأحوال، أثبتوا أن النهج الحكومي الحالي يجب أن يكون مستمرا على ما هو عليه وأفضل، في أوقات الوباء أو غيره، حتى يكونوا بحق نماذج يُضرب بهم المثل في الوفاء بقسم أدوه أمام الله والأمير والشعب، على أن يخدموا الوطن ويصونوا أمواله، ويؤدوا أعمالهم بالصدق والأمانة.