شعار الحكومة التي لا تنام ليس مستحيلا إن كان هناك من يريد الخير لأبناء الوطن، ولا يكلفه ذلك إلا جرة قلم.. فكم من مراجع لجهة حكومية يعود أدراجه أو يجلس للانتظار، ويضيع وقته، بسبب أن النظام الآلي عطلان أو فيه خلل.
وهذا يضعنا أمام تساؤل عريض: هل الوزارات تتعاقد مع شركات للتطوير أم للتنفيع؟ ما الفائدة من التطور التكنولوجي والتقني إذا كنا لا نستفيد منه بالشكل الصحيح والأنسب؟
العالم المتحضر والمتطور اليوم أصبح يفكر في أبعد من التعاملات الإلكترونية، ونحن لا نريد إلا أن نحظى بحياة كريمة لا تستنزف فيها المعاملات الحكومية وقتنا، مع إمكانية اختصار كل ذلك من خلال التطبيقات الذكية.
دائما نستشهد بدول الجوار، مثل الإمارات التي لا يوجد في العديد من إماراتها مثل دبي وأبوظبي مراجعات شخصية في الجهات الحكومية باستثناء بعض المعاملات التي تتطلب الحضور، وهذا يدفعنا لمراجعة السياسة المتبعة في الحكومة الإلكترونية، فهل وفرنا بنية تحتية مناسبة ومتطورة؟ إلى جانب الخصوصية وأمن المعلومات لحماية الخدمات التي تتم عبر الحكومة الإلكترونية؟
هل تم تطوير سير المعاملات الحكومية لتتناسب مع أساليب الحكومة الإلكترونية؟
هل جرى بناء الطاقات البشرية والقدرات التي تتناسب مع العالم الرقمي الجديد؟
هل أوجدنا بيئة قانونية مناسبة لتتماشى مع مستلزمات الحكومة الإلكترونية؟
لو أننا طبقنا هذه المعايير بالشكل الصحيح لكافحنا الفساد والهدر، ووفرنا الجهد والمال والوقت، وظهر لدينا مفهوم اقتصادي جديد يرتكز على ذهاب الخدمة أو السلعة إلى العميل وليس العكس، إلى جانب ظهور مجالات استثمارية جديدة من خلال التكامل بين الحكومة الإلكترونية والتجارة الإلكترونية، ولساهم ذلك في رفع أداء الموظفين وتنظيم العمليات الإنتاجية، مع التخلص من الروتين واختصار الهرم الإداري.
للأسف، طبقنا جانبا من الحكومة الإلكترونية، سعينا وراء الظواهر، لنقول أمام العالم إننا نواكب التطور والحداثة، ولكننا أهملنا الكثير من الجوانب، وأصبحنا وراء الآخرين.
لن نقف لنتحدث عن الماضي، بل لنعيش الحاضر والمستقبل، فنحن اليوم في أمس الحاجة إلى حكومة ذكية لتوفير الخدمات للجمهور حيثما كانوا وعلى مدار الساعة.
هذه الحكومة الذكية تتطلب قرارا حكوميا بدعم البنى التحتية والاستراتيجيات التي تدفع عجلة التحول الذكي للجهات الحكومية، والتعاقد مع شركات عالمية متخصصة لتقديم الخدمات عبر الأجهزة الذكية.
وخلال ذلك يجري إصدار الدليل الإرشادي للحكومة الذكية الذي يشمل توفير مجموعة من الإرشادات للجهات الحكومية من أجل تهيئتها للتحول من الحكومة الإلكترونية إلى الحكومة الذكية، مع وضع خارطة طريق لعمل الحكومة الذكية لتعزيز الجاهزية وإسعاد المستخدم.
وفي حال حققنا هذا التحول فإننا سنحصل على حكومة لا تنام، تستجيب بسرعة للمتغيرات، تبتكر حلولا للتحديات، تسهل حياة الناس وتحقق لهم السعادة.
هذا ليس نسجا من خيال ولا مزجا للبن في ماء، بل خطة دولة جارة للتحول إلى حكومة ذكية، فهناك من يعمل دون كلل أو ملل، وهذا ما نريده من المسؤولين فلسنا أقل من الآخرين، ومقدراتهم ليست أفضل منا، ولكن الفارق أن هناك من يريد أن يعمل ويطور ويبني ويشيد، وعندنا للأسف من يريد أن ينفع وينتفع وشتان ما بين الهدفين.
كل ما نريده أن نعيش زماننا الحاضر كدولة قوية، لا أن نكون في ذيل الأمم!