آفة الآفات، قاتلة الأجساد، هادمة المجتمعات، تتسلل بكل أريحية لدولتنا، رغم الجهود الكبيرة المعلنة لمنع دخولها، ورغم وجود أجهزة أمنية لضبطها ومعاقبة بعض مهربيها وبائعيها ومتداوليها وناقليها، لكن الواقع المؤلم الذي نعيشه ونرى آثاره ولا يمكننا إنكاره، هو أن هذه الآفة تنتشر كالنار في الهشيم وتستمر في حصد ضحاياها من أبناء وبنات في عمر الزهور والشباب، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
مخدرات الكويت كانت السبب في قتل أم لفلذة كبدها، واحتجاز ابنة بعمر 5 سنوات في الحمام لتموت وتغدو هيكلا عظميا، هي من دفعت عسكريا ليسفك دم زميله، هي أم كل مصيبة في بلادنا، الإحصاءات تؤكد أن المخدرات سبب فيما نسبته 65% من الجرائم التي تقع، وفي زيادة 300% في جرائم الأحداث، وفي 35 قضية مخدرات من بين كل 50 قضية محاكم، 40 ألف مدمن بالكويت، 1550 قضية خطف واعتداء، 650 شخصا توفوا بجرعات زائدة خلال 9 أعوام 400 منهم كويتيون.
كل هذا البلاء والمصائب والكوارث تحدث، وهناك من تتم تبرئتهم من تجار ومروجين بعد أن ضبطوا بها متلبسين، فتعود حليمة لعادتها القديمة بثقة أكبر، والسبب ثغرات قانونية، وتوافر بعض المحامين الذين لا يهمهم إلا المال!!.
اليوم انتشرت حبوب الهلوسة في المدارس، في الجامعات، في الأماكن العامة، بأشكال ومسميات عجيبة غريبة، نفرح عندما نسمع بضبط كميات كبيرة منها، لكننا نتساءل: كيف دخلت إلى البلاد؟ من سمح بتسريبها ومن ذا الذي نام عن تهريبها؟ أليس هناك بعض من تسيدوا مناصب ضبط المخدرات وتبين أنهم متورطون في نشرها؟ من الذي يتجرأ على حرمة الكويت ومجتمعها وسيادتها وأبنائها وبناتها؟، أليس الجدير بهؤلاء الفاسدين الإعدام قبل أن يعدموا شباب الكويت وبناتها؟
هل تعلمون يا سادة أن من يتم ضبطه ليس التاجر وإنما الوسيط، التاجر لايزال حرا طليقا، يسرح ويمرح ويبحث عن وسطاء جدد، وما خفي أعظم.
إلى متى يقض الخوف مضاجع الأمهات والآباء على أبنائهم وبناتهم من الخروج للمجمعات والاصطدام بالمدمنين أو لقاء المروجين، أين اليد الحديدية مما يجري؟ هل يعقل أن الكميات التي تضبطها السلطات المختصة لا تساوي 10% من الكميات التي تمكنت من الوصول للمجتمع بشكل مرعب ومخيف، هناك أنواع زهيدة الثمن بمخاطر صحية مدمرة نجحت في تخليق السلوك العدواني وتحويل الإنسان المتسامح إلى كيان شرس شديد الخطورة.
كلمة الختام: اليوم أمتنا بحاجة لقبضة حديدية وإعدام المتنفذين والمتمصلحين من تجار المخدرات، أيا كان منصبهم، وإنشاء مراكز علاجية بإحدى الجزر الكويتية لإعادة تأهيل المدمنين، ومنع وصول المروجين إليهم، أما المتعاطون غير الكويتيين فليتم إبعادهم، وليحاكموا في بلادهم وكذلك أصحاب الأمراض النفسية الخطيرة التي تهدد حياة الآخرين، أما المروجون ففي إعدامهم حياة للمجتمع، لأن السجون باتت بيئة خصبة للتجار فالمخدرات تصل إليها، ويديرون الأعمال من وراء قضبانها!
أخيرا، أقولها ولا أخاف إلا الله، لا أحد فوق أمن أمتنا ومجتمعنا، كل داخل للبلاد يجب أن تفتش أغراضه مهما علا منصبه، فقد قالت العرب: «من مأمنه يؤتى الحذر»، بات من الضروري عمل التحليل العشوائي للدم في المدارس والمجمعات التجارية لكشف المتعاطين وإنقاذهم وإعادة دمجهم، وتعديل تشريعي يشدد العقوبات ويسد الثغرات، ومراقبة الأسر لأبنائها وإخضاع سلوكهم للرصد، وعلى مؤسسات الإنتاج الفني صناعة أعمال فنية على أسس تربوية وعلمية تحذر من هذه الآفة.
أنقذوا البلد قبل فوات الأوان، وقبل ألا ينفع الندم.