ليس غريبا على دولتنا الكريمة أن تخطو خطوات عملية في إنصاف جميع من قضوا سني عمرهم في خدمة وزاراتها والعمل بمؤسساتها، ومثلوها خير تمثيل، في السلم والحرب، وفي الشدة والرخاء، وهذا يعني أن تكون مكافآت نهاية الخدمة غير مقصورة على فئة دون أخرى في المجتمع، أو على فترة زمنية دون غيرها، مما يتطلب إعادة ملفات جميع المتقاعدين إلى الطاولة لبحثها ودرسها ومناقشتها وإضفاء المساواة فيما بينها، لتأكيد مبدأ العدالة والمساواة بين المواطنين في هذا السياق.
لا يمكن تفسير وجود فجوات شاسعة في الرواتب التقاعدية أو الميزات الاستثنائية بين شريحة وأخرى، أو بين من تقاعدوا قبل 2010 أو بعدها، فالتقاعد حق من حقوق أي موظف يخدم دولته ويسهم في بنائها، أيا كان القطاع الذي يعمل فيه، ولا معنى لتجاهل أي من هؤلاء وفي أي فترة زمنية كانت، وهذا ما يستدعي إعداد دراسة تضبط العدالة في هذا الشأن، وتحفظ للمتقاعدين حقوقهم، وتضمن العدالة والمساواة مع أقرانهم من شتى شرائح الموظفين ومواقع عملهم، وهو ما نعتقده ويعتقده أكثر المجتمع أنه مطلب شرعي ومحق، من أناس خدموا دولتهم وحافظوا عليها وأدوا رسالتهم بكل اقتدار.
فيا حبذا لو ينعم جميع المتقاعدين بخيرات دولتهم وثرواتها، ولعل من الجدير انتهاجه أن يخصص جزء كبير من ميزانية المعاشات الاستثنائية لتنفيس كربات المكروبين وسداد ديون المدينين، أو على الأقل لإعفائهم من فوائد القروض المستحقة للبنوك والشركات التجارية، لتعزيز ارتفاع راية العدالة في البلاد، وحتى يشعر الجميع بأنهم سواسية كأسنان المشط، لا فرق بينهم.
جميع المتقاعدين المدنيين في القطاعين العام والخاص ممن لم تشملهم نهاية الخدمة والمكافآت والميزات، التي منحت لغيرهم في جميع القطاعات، ترنو عيونهم إلى مساواتهم بغيرهم، حيث إنهم جميعا خدموا البلد طوال فترة عملهم ولم يقصروا، والجميع بحاجة إلى توفير ما يضمن لهم الحياة الكريمة وتحقيق مبدأ العدل والمساواة بين جميع المتقاعدين.
نعتقد أن من حق جميع المتقاعدين أن يعيشوا حياة كريمة فيما تبقى لهم من العمر أسوة بغيرهم ممن شملهم القرار الأخير، خصوصا أن دستور الدولة ينص على أن المواطنين سواسية في الحقوق والواجبات، لذا من الإنصاف بمكان أن نبرد قلوبهم بهذه العدالة والمساواة.
كلمة أخيرة: جـميع بــاقــات الشكــر والتقدير لا تفي صاحب السمو الأمير الشــيخ نـــواف الأحمد، حفظه الله ورعاه، حقه بتوجيهه بإنشاء نواد للمتقاعدين صحية وترفيهية واستشفائية وعلاجية، فقد أكد هذا الحس الحاني من سموه ما لدينا من شعور بأن الرعيل الأول في عيونه وأنهم محل تقدير واعتبار.
ويبقى أن نذكر المكلفين بتنفيذ التوجيهات السامية بضرورة أن يضعوا أخواتنا وأمهاتنا المتقاعدات في الحسبان، وأن يكون لهن نواد خاصة بهن، أسوة بالمتقاعدين الرجال، فهن في أمس الحاجة إلى مثل هذه المرافق بعد أن بلغن خريف العمر.