إن المظاهر في هذا الزمن تحكم كل شيء خاصة عندنا، والمصيبة الكبرى أن المظاهر تخدع كثيرا من الناس ويسير وراءها فئات من الشعب وتحكم على الامور بتلك المظاهر، والناس يتأثرون بالمظهر العام للأشخاص فالسارق أو النصاب حينما يركب سيارة فاخرة ويرتدي ملابس ومجوهرات عالمية يقال عنه من قبل الكثيرين انه رجل مليء ومحترم، وآخر قد اطلق لحيته وقصر الدشداشة فهناك الكثيرون الذي ينعتونه بالشيخ الجليل، كما انه حينما تنتقب سيدة وتلتف بالسواد من رأسها الى قدميها فإن الكثيرين يصفونها بأنها سيدة ملتزمة حقا.. إلخ. وهكذا عندما ننظر إلى أعمالهم وتصرفاتهم التي تتم في كثير من الأوقات في الخفاء تعرف أنهم أقل من أن يكونوا ذوي أخلاق سليمة وتربية قويمة.
في كثير من الأحيان يخدعنا المظهر الخارجي لأشخاص نتقابل معهم ثم نكتشف بعد فترة أن هؤلاء الأشخاص يختلفون اختلافا كليا عن الانطباع الأول معهم، وأن انتشار ظاهر المظاهر الخارجية الخداعة والبعيدة عن حقيقة وجوهر الشخص نجد أن كثيرا من الناس يأخذون بالمظهر الخارجي سواء بالشكل أو باللباس أو بالكلام ولكن في الحقيقة هذا الانطباع يختلف كثيرا عن شخصية أصحابهم وعقولهم وتربيتهم غير السوية لذلك هناك أناس كثيرون يعجبك قولهم ولباسهم ولكن تصرفاتهم وأفعالهم تختلف كثيرا عما يبدونه من أقوال وأفعال، ومثال ذلك قد تصادف امرأة منقبة وترتدي زيا اسلاميا ولكن تصرفاتها لا تناسب هذا الملبس وبعيدة كل البعد عن أخلاق الدين الإسلامي وتأخذك الحيرة والتساؤل هل هذه المرأة فعلا منتقبة وملتزمة أم أن هذا النقاب مجرد غطاء خارجي يخفي وراءه تصرفات وأفعال مشينة أم أنها ترتدي هذا النقاب حتى لا يتعرف عليها أحد؟ ومن خلال هذا النقاب تأتي بأفعال وتصرفات حتى لا يعرفها الناس ولا يتعرف على شخصياتها إضافة إلى ما تقوم به من ارتكاب جرائم مختلفة من الزنا والسرقة والنصب وغيرها من الفواحش إلى أبعد ما يتخيله عقل سوي وأن تلك التصرفات بعيدة كل البعد عن الأخلاق الحسنة والتربية السليمة.
وهذا مقدمة ضرورية لا بد منها لما نشر بجريدة «الأنباء» يوم الثلاثاء الموافق 21/8/2012 بعنوان «منتقبة خدعت صائغا بمظهرها وظفرت بـ 2000 دينار» تقدم صائغ إيراني إلى مخفر الصالحية وابلغ عن تعرضه للسرقة بطريقة مبتكرة وسرقة مجوهرات تزيد قيمتها عن 2000 دينار، وقال الإيراني انه وبعد الانتهاء من مبيعات آخر 3 أيام من شهر رمضان أجرى عملية جرد وإذا به يكتشف وجود نقص في الذهب مقارنة مع المبيعات، وقال الإيراني: من خلال كاميرا أخفيتها داخل المحل قمت بإعادة فحص الأشرطة للوقوف على اختفاء المجوهرات تلك وخلال متابعتي للأشرطة المسجلة اكتشفت أن سيدة منتقية دخلت إلى المحل آخر أيام شهر رمضان حيث كانت تبدو سيدة راقية استنادا إلى مظهرها، مشيرا إلى أن كاميرا المحل وثقت قيامها بسرقة المجوهرات حيث غافلتني وذلك يبدو من خلال الكاميرا ووضعت مجوهرات داخل جسدها، هذا وقدم الصائغ الإيراني الشريط الذي يظهر واقعة السرقة وسجلت قضية وأحيل ملف القضية إلى إدارة بحث وتحري محافظة العاصمة.
لا بد من بيان المنظار القانوني لهذه الواقعة فإن المرأة المنتقبة تتعرض لعقوبة المادة 217 من قانون الجزاء والتي تنص على أنه كل من اختلس مالا منقولا مملوكا لغيره بنية امتلاكه يعد سارقا.
ويعد اختلاسا كل فعل يخرج به الفاعل الشيء من حيازة غيره دون رضاه، ولو عن طريق غلط وقع فيه هذا الغير ليدخله بعد ذلك في حيازة أخرى، وأضافت المادة 219 من ذات القانون على عقوبة السرقة بنصها على أنه «يعاقب على السرقة بمدة لا تجاوز سنتين وبغرامة لا تجاوز ألفي روبية أو بإحدى هاتين العقوبتين إلا إذا نص القانون على غير ذلك» هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى فيجب على الجميع التعامل مع هذه الفئة الضالة المخادعة بحذر ويقظة مستمرة لأنه بالتأكيد أن هذه النوعية المخادعة من الناس تسيء إلى من هم فعلا من الملتزمين باللباس الإسلامي والأخلاق الإسلامية والواقع يؤكد لنا أن تلك الفئة السيئة تعيش بيننا ويحاولون بتلك التصرفات خداعنا ويستغلون الدين والمظهر الخارجي لارتكاب الجرائم بجميع أنواعها وأشكالها، فالله سبحانه وتعالى لا ينظر إلى اشكالنا ولا إلى أمولنا ولكن ينظر إلى قلوبنا وأعمالنا ويجب على الجميع أن يسلكوا الطريق السليم، ويجب ألا ننظر إلى الأشخاص من خلال كلامهم وشكلهم فقط ولكن يجب أن تنطبق تصرفاتهم وأفعالهم مع ما يقتضيه الدين الإسلامي والأخلاق الحميدة والتربية السليمة وقد صدق قوله تعالى: (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام). صدق الله العظيم.
وقد صدق المثل القائل «الناس مخابر وليس مظاهر»، وأيضا «لا يغرك المظهر واحرص على الجوهر».
والله ولي التوفيق،،،
www.riyad_center.com