رياض الصانع
كثيرا ما يصدق المثل القائل «في التأني السلامة وفي العجلة الندامة»، ولكن نادرا ما يؤخذ به، فأمام إغراء السرعة والتحدي ورمزية الانتصار المزعوم، والافتخار اللا محدود بتقنيات السياقة وجودة السيارة، تضيع الأرواح وتتحول بعض الاحتفالات الشبابية إلى مأتم، تسودها الآهات بعد ما كانت تهلل فيها الشيلات وعبارات الدعم لكل فريق أو صاحب سيارة.
وما حدث بالأمس القريب ما هو إلا سيناريو متكرر للحوادث المميتة التي تحصد أرواح أبنائنا مجانا، شباب المفترض أنهم مستقبل البلد وسواعدها، يذهبون كعابري سبيل، ما بين مكبس السرعة وعجلة القيادة، فبعد حادثة وصلة الدوحة، ها هي اليوم صبحان تدلو بدلوها وتأخذ معها شبابا في مقتبل العمر لتسكنه ما بين البرزخ والهيام، وترسل آخرين إلى المستشفى ما بين أمل ودعاء.
والأحداث تتمثل في سباق بين مركبات رياضية، فوجئ على إثره أحد المتسابقين بمركبة خرجت أمامه من بين المتجمهرين مما أدى إلى اختلال توازنه وبالتالي الاصطدام وتضرر كل من المتسابقين والمتجمهرين.
وأمام هذا الواقع وتكرار المشهد، في مدد زمنية متباعدة، تبرز الحاجة إلى ضرورة البحث عن معالجة جذرية للموضوع، فإن كان المتسابقون يتحملون مسؤولية كبيرة في الحادث، نتيجة استعمالهم طرق عمومية للتسابق وسرعات فائقة جداً لا تتناسب ووضعية الطرق، بالإضافة إلى التجمهر، فهذا لا يلغي مسؤولية وزارة الداخلية والإدارة العامة للمرور عن الحادث، فهي ملزمة بتطبيق قواعد قانون المرور رقم 67/1976 وتعديلاته ويجوز لها فورا القاء القبض على اي من المتسابقين وحجزهم وعرضهم على المحكمة المختصة وفق احكام المادة 44، كما ان المادة 43 تجيز للداخلية حجز مركباتهم، كما انهم قد يواجهون عقوبات قضائية قد تصل الى الحبس ثلاثة شهور حسب احكام المواد 33 و33 مكرراً من قانون المرور، كما يجب عليهم ان يفكروا في حلول تساعدهم على حل هذه المسألة المهمة مثل وضع كاميرات مراقبة دائمة على الطرق التي ينشط فيها الشباب المتسابق، أو سحب رخص السياقة ممن يثبت في حقه ذلك مدة معينة يمنع فيها من السياقة وإن أخل بذلك الشرط يقع أمام المسؤولية الجزائية، أو التفكير في أي من الطرق الوقائية التي تساهم في تقييد الظاهرة، وضبط رعونة المتسابقين.
كما تتحمل هيئة الشباب والرياضة مسؤولية أخرى بعدم توفيرها للشباب حلبات للسباق بمواصفات السلامة والأمن المتعارف عليهما عالميا، حتى يجد الشباب متنفسا شرعيا وقانونيا لأنشطتهم، وتساهم بقدر المستطاع في توظيف طاقات الشباب ودعمها لتمثيل البلد وتشريفه في الملتقيات الدولية بدل الموت في حوادث على الطرق.
إن مسألة معالجة مثل تلك الحوادث تكمن في توافر إرادة تشريعية قوية وأخرى تنفيذيه أقوى تسهم في تطوير مواهب الشباب، وإن كانوا مسؤولين، فالبديل غير موجود، لذلك وجب العمل على توفير بدائل ناجحة لإنقاذ الشباب من حرب الطرق، فهم كما أشرنا سابقا سواعد الأمة وقلبها النابض.
والله ولي التوفيق.
www.riyad-center.com