سؤال بسيط ولا أجد له إجابة صريحة ومباشرة، ببساطة، لأن المعايير اختلفت وما عادت الحرية والديموقراطية هي المبادئ التي ننادي بها ونركن لها، بل المصالح والأهداف التي تتلاقى حينا وتتنافر أحيانا أخرى.
جيل جديد صاعد كبر على خارطة الوطن العربي الذي لعبت به المصالح حتى شوهته وأصبحت رقعة الشطرنج ممزقة لا هوية فعلية لها، هل مازلنا اثنين وعشرين دولة أم كبر العدد من تمزقنا أو صغر من اختفاء بعضنا لأسباب كثيرة، الوحدة الوطنية، ليست منها!
جيل نشأ على (إسرائيل) والأرض المحتلة بدلا من (الكيان الصهيوني) وفلسطين الأبية.
لأوقن كل يوم أن هذا الكيان احتل العالم كله إلا فلسطين!
جيل نشأ على كل متع الحياة المتوافرة وعلوم مستحدثة تملأ الرأس وتغيب العقل بكافة المتع وأدوات اللهو، التي تربيه أن يهتم بما يمتعه ضاربا بعرض الحائط بكل قيم وكل خلق مدعيا الحرية والليبرالية، فغابت القدوة ليحل محلها شخصيات «مسخة» لا لون لها ولا طعم!
قوى استهدفت أطفالنا فأصبحوا محنطين خلف أجهزة الألعاب والتكنولوجيا المذهبة للعقل كالمخدرات وأشد فتكا! مؤامرات استهدفت شبابنا فأصبحوا إما يدورون في طاحونة البحث عن الرزق وتحقيق الأحلام التي أضحت مستحيلة بعدما كانت من المسلمات! أصبحت لقمة العيش صعبة، الزواج الحلال صعب، الأمان مهدد والمستقبل غير واضح المعالم.
فهدم أجمل ما كان يميزنا: كيان العائلة! انظر فقط لمعدلات الزواج والطلاق لتوضح الصورة لك!
والفئة الأخرى من شبابنا، تاهوا في متعهم اليومية، يفكرون يوما بيوم بلا خطة ولا هدف، أصبحت الميوعة سمة الشباب، بعدما كانت القومية والعروبة هويتهم. انظر إلى أرقام المقترعين في الانتخابات!
والآن، يستهدفون رجالنا ونساءنا، الذين نتوسم منهم الحكمة، في برامج غنائية لاستخراج مواهبهم لتزول الهيبة من كل الفئات! لست ضد الفن ولا أحاربه، بل بالعكس، الفن ثقافة وتمازجه جمال، لكننا فقدنا الهوية والجمال، فنحن إما نعيد ماضيا دون ابتكار، أو نستورد ما لا يلائمنا دون تفكير!
أصبحنا لعبة في أيدي من يحكمون هذا العالم، ينشرون الخوف والرعب بادعاءات لحروب وإرهاب وتصادمات ليلهوا عقولنا عن أجندة يطبقونها: الخليج وإيران، صفقة القرن وورشة المنامة، تعود أزمة القمامة في لبنان في موسم السياحة لتضربه، ما آخر تطورات سورية وماذا حصل للاجئين؟ وهل مازال العراق على الخريطة؟ كيف حال مصر؟ وكم يمنا أصبح هناك؟
وأخيرا أقول: هل سيمضي العمر دون صلاة في الأقصى، دون نزهة في حارات الشام العتيقة، دون صيام في القاهرة، دون رشفة من قهوة اليمن؟ دون دفء وحرارة وعنفوان الجزائر، دون شرب من ماء دجلة والفرات؟ يوما بعد يوم الحلم يبتعد ولكن مازال في القلب أمل.
[email protected]
rulasammur@