ندرك مع مرور الزمن وتعاقب التجارب والخبرات أن كثيرا مما اعتنقناه من قيم كان هو المحرك الأساسي لقرارات ولردود أفعال قربتنا من هدفنا أو باعدتنا عنه!
وأن كثيرا من تلك القيم كانت مناسبة لحدث أو زمن لكنها غير مناسبة لحدث أو زمن آخر!
من تلك القيم:
المتعة: هناك فرق كبير بين السعادة والمتعة، المتعة لحظية آنية قد تجلب العواقب السيئة بعد انقضائها: في التدخين متعة للمدخن، لكن عاقبة التدخين غير محمودة! الإسراف في الطعام متعة يؤدي لنتائج غير مرغوبة. فالمتعة سطحية تنتهي نشوتها بانتهاء لحظتها. في حين، للسعادة طريق ودرب قد يكون صعبا أو شائكا لكن نتائجه مرضية. كثير ممن ركضوا وراء المتع اللحظية، انتهى بهم الأمر أكثر قلقا وخوفا وارتباكا! لا يعني هذا أن كل المتع مرفوضة وأن كل دروب السعادة شائكة، ولكن الميزان مطلوب، فالمتعة هي نتاج السعادة وليس العكس.
النجاح المادي: الأمان المادي والاستقلالية أمران مرغوبان، لكن المعادلة ستنقلب عندما تكون درجة قياسك لنفسك ومكانتك مقرونة بدرجتك الوظيفية ورصيدك البنكي! فعندما تضع القيمة المادية على رأس هرم قيمك الإنسانية الأخرى، فإنك الخاسر الأكبر لأنك حددت قيمتك بأمر مادي خارجي قد ينقص أو يزول.
أن تكون صائبا دوما: أصادف من البشر ممن يعيشون في عباءة المراهقة في رحلة دائمة لإثبات الذات للآخر! محاورتهم جدل ومناقشتهم لا نهاية لها. يرفضون فرص التعلم والانفتاح على الآخر والفكر المختلف، فقط لإيمانهم أنهم على صواب! أو لخوفهم الشديد من التغيير والاختلاف، أو لعدم قدرتهم على التعامل مع المختلف، فيقفلون أبوابا للمعرفة وتجربة الجديد والمختلف.
الإيجابية الدائمة: كتبتها مرة وسأكتبها مرة أخرى: تعتبر الإيجابية الدائمة سلبية، وقليل من السلبية إيجابية! الواقعية مطلوبة لتحليل الموقف والتجربة ومن ثم أخذ القرار. قرارك قد يكون إيجابيا أو سلبيا، وإيجابية أو سلبية القرار تختلف باختلاف الهدف أو الوجهة. فعندما ننكر المشاهد السلبية ونهرب منها بقناع الإيجابية فإننا نعيش في سلبية أكثر وخوف عميق لأننا نعلم أن المواجهة هي الحل الأمثل.
لذلك، الهدف من هذا كله، هو تثبيت قيم جيدة مبنية على الواقع، نملك نحن زمام التحكم فيها «نشر السلام والأمان وحب الأسرة والعلم والمعرفة» وليست أمرا خارجيا لا نملك التحكم به (كالمال والمكانة ونظرة الغير لنا)، قيم بناءة تضيف لنا على المدى البعيد ولا تأخذ منا. لا أنكر كل المتع، لكن أنكر أن تكون هي المقياس.
وفي النهاية، أضع بين يديكم كتابا أنصح بقراءته: فن اللامبالاة لعيش حياة تخالف المألوف لمارك مانسون.
[email protected]
rulasammur@