ابتعدت عن الكتابة في السياسة لأن قلبي وعقلي ما عادا يتحملان ما يجري! توقفت عن متابعة الأخبار بعدما رأيت سيدة تصرخ في وجه جندي منعها من الدخول إلى مصرف لبناني للأخذ من مالها ما يكفيها قوت يومها، توقفت عندما أصبح جل همنا كيف ندفئ شعوبنا في الملاجئ بدلا من استرجاع وطن تهدم! عندما أصبحت مقومات وأساسيات الحياة حلما بعيد المنال عن شبابنا! وعندما بدأت أتساءل: ماذا حصل في سورية، وأين أصبحت اليمن؟ وأين أضحت ليبيا؟ وأين أمست شعوبنا العربية؟!
توقفت عندما أدركت أن كل شيء يحصل حولنا ما هو إلا تشتيت لانتباهنا عن قوميتنا وهويتنا وقضيتنا الأساسية! هل من أحد يتابع ماذا يحصل في سورية الآن؟ فقد تم إقحام حرب إيران في الصورة، وفجأة، يتم الإعلان عن ورشة السلام في المنامة! ومن ثم تم تسليط الأضواء على لبنان واندلاع ثورتها وسلمية مظاهراتها، لنسمع بزيارة ممثل الكيان الصهيوني إلى سلطنة عمان!
تندلع الثورة في العراق، لننسى معها سورية ولبنان، برغم اتخاذ سلمية مظاهراتها منحنى خطيرا، ليتم تقسيم المقسوم وتشتيت المشتت، ومن ثم ادعاءات بعزل أرعن أميركا، لننسى معها لبنان، وسورية، والعراق وندخل في حرب محتملة مع إيران! وندور في طاحونة الخوف والرعب من حروب قادمة ليكون جل اهتمامنا: كيف ينتهي اليوم بدون رعب؟!
وبعد كل ذلك التشتت، تعلن صفقة القرن، أو صفعة الكرامة، بكل وقاحة، ضاربين بعرض الحائط كل مبادئ السلام، فهل من سلام مع منتهكي الدار؟!
نشأ جيل كامل لا يعرف عن فلسطين إلا أنها أرض محتلة! نشأ جيل لا يعرف عن صفقة القرن إلا أنها معاهدة سلام! نشأ جيل لا هوية ولا انتماء له! هل تنتظر من السوري الذي نشأ في المخيمات يبحث عن قوت يومه من المساعدات أن يدافع عن فلسطين؟! هل تعتقد أن اللبناني الذي تم تدمير اقتصاد بلده، يفكر في بلد آخر؟! وماذا عن العراقي الذي أصبح مجزأ ومشتتا والنار تنهش في باقي شعوبنا؟!
لم نعد ننتمي لشيء بعد أن أصبحنا كحال فئران التجارب التي تركض في دائرة لا نهاية لها، وأصبحنا نحلم، بما كان بالأمس، من مسلمات الحياة. أصبحت الميوعة سمة شبابنا بعد أن كنا مضرب الأمثال في الرجولة والحمية والأخلاق.
لذلك، لا أمل لي إلا في عدالة الخالق وعدالة القضية وأنه ما ضاع حق وراءه مُطالب.
[email protected]
www.growtogether.online