تحمل كثير من الأمور في حياتنا تناقضات شتى قد لا نفهم حكمتها إلا إذا مررنا بالتجربة ودفعنا ثمنها من وقت وجهد وألم في بعض الأحيان.
وكثيرة هي أمثلة الحياة: تشق طريقك مستخدما كل ما ظننته من أدوات لتقترب من أحلامك وأهدافك ناشدا السعادة، لتهرب منك أحلامك كلما اقتربت منها تاركة لك علامات استفهام وحيرة: لماذا؟! اجتهدت ولم أقطف ثمار جهدي؟
تقترب من أحلامك وتحققها مقتنصا الفرصة تلو الأخرى، ولا تذوق طعم السعادة المنشودة؟! لترتسم الحيرة والاستغراب في القلب والعقل معا. لماذا؟!
تجتهد، وتقدم وتعطي راغبا في خير يأتيك من حيث لا تحتسب، ودعاء مستجاب بالعطاء حتى الرضا، لتفاجأ باتساع الفجوة بين ما تريد وما أنت ساع له، بين ما حققت وما حلمت به، والأقسى، اتساع الهوة بينك وبينك؟
لتركن إلى نفسك مستغربا، متأثرا، حانقا وزاهدا في كل شيء. تصبح الأحلام والأهداف قيودا تشتد حول عنقك وأحمالا فوق كتفك، فبدلا من أن تثير فيك أجمل ما فيك، تعيقك محرضة كوامن ما كنت تظنها فيك! منا من يستسلم ويركن، منا من يبطش ويبطش لتزداد الهوة عمقا، ومنا من يسلم ويؤمن، متخذا مبدأ استراحة المحارب، يبتعد عن ساحة المعركة وطريق تحقيق الأحلام ليسمح بتجليها مسلما أمره لله وحكمته.. فهل رأيت مزارعا يروي أرضه بعد زراعتها كل دقيقة! أم أنه يزرع، يروي، يبتعد مراقبا نمو براعمه واحتياجها؟
في كثير من الأحيان، نختار أحلاما وأهدافا ليست لنا بل ليألفنا القطيع والجموع؟
لذلك لا نسعد عند تحقيقها! منا من يتخلى عن أجمل ما فيه ثمنا لتحقيق ما يريده، لتهرب منه نفسه قبل تحقيق ما تصبو إليه!
منا من يزرع البذور ويروي الأرض ليغرقها بالماء ويخنقها باهتمام زائد لتموت الأحلام قبل أن تزهر اختناقا! ومنا من يقدم كل شيء، ويتعلق بالمقبل، كما رسمه ليغفل عن هدايا كثيرة تأتيه بثوب لم يألفه!
تتجلى الأحلام، تتدفق لتصل لصاحبها، الذي يقف في طريق تجليها لأنه تائه في دروب الماضي وأوهام المستقبل غافلا اللحظة ليكون عائقا في الطريق وليس عابرة!
لذلك، استمع لقلبك عندما تصبح أحلامك قيدا، فهذا يعني أن هناك ما لا يسير وفقا لشغفك وهدفك الأساسي: السعادة والأمان والرضا.
تنحى جانبا، أعد تقييم حساباتك، والق خلفك بقيود وعلاقات وأفكار لم تعد تخدمك، وتمسك بكل ما بقي معك بكل أحوالك، ولتكن استراحة محارب لشحذ الهمة كالقوس الذي يرجع خطوة لينطلق سهمه خطوات نحو الحلم.
[email protected]
www.growtogether.online