نحن بشر نخطئ ونتوب ونجاهد نفسا أمارة بالسوء، فجهادها الأصعب! طبعنا عجول وهلوع وطعم الصبر مر في كثير من الأحيان. تتنافس عواطف كثيرة في صدورنا، عواطف لا نقوى على التحكم بسطوتها، لكن، مع التجربة والتمرس، نتحكم فيما قد ينتج عن سطوة تلك المشاعر من أفعال.
قد نستشعر حبا، كرها، غيرة، غبطة، امتنانا، تعاطفا، نفورا.. الخ، عددها ما استطعت، تصول في قلبك كفرس جامحة لا يروضها إلا فارس ملك من الحكمة الشيء الكثير.
يعتبر الغضب والخوف، من أقسى تلك المشاعر التي تطل بوجهها دوما عند منعطفات التجارب في لحظات كنا نظن أننا أحكمنا لجامها! وإذا فهمنا أن الغضب هو أحد أوجه الخوف، فسيكون الخوف هو الأصل! خوف من فقد عزيز، حبيب، مال، سطوة، حال، مبدأ.. إلخ.. فهمك ما أهمك!
ولا أختلف عنك حالا، فلقد عشت وأعيش كل تلك المشاعر وتمردها وجموحها، فهمت بعضها وجهلت أسباب بعضها الآخر حتى بدأت أنظر إلى تلك الآية الجميلة بمنظور مختلف (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) سورة الطلاق.
كثير من أسباب غضبنا وخوفنا وشعورنا بالخذلان، تنبع من خير قدمناه، مجهود بذلناه، جمال نثرناه، وتوقعنا المثل ممن شملناهم بجمالنا، فضقنا بأنفسنا فضاء رحبا وحصرنا مصدر الجزاء فقط بمن أو بما أعطيناهم، وغفلنا عن أن القانون الإلهي يلهمك أن الجزاء من جنس العمل وأن الخير آتيك لا محالة من مكان، زمان، شخوص ما ظننتها يوما، بل قد تكون غافلا لها وأنت تنتظر المردود ممن شملتهم بالمبذول!
تعلمت الدرس قاسيا، وأدركت أن الإجابة كانت دوما بين يدي عن طريق آية بسيطة في حروفها وعميقة في محتواها.. سهل ممتنع! أدركت يومها أن بذل الخير والجمال مأجور من الله في فضائه الواسع وليس في ضيق أفقنا، وأدركت أن في التخلي تجليا، وأن من ترك ملك، فعندما تجرد نفسك وقلبك من توقعات ردات فعل الآخرين، فستملك زمام أمورك حتما، وستتحرر من قيود خفية: باطنها قيدك بمشاعر الخوف والخذلان والغضب، وظاهرها استحقاقك من خير مصدره زمان، مكان أو شخوص محددة.
ولا أنكر أنني ما زلت في رحلة التحرر تلك مستشعرة ألم الخروج من عنق الزجاجة إلى رحاب أوسع.
[email protected]
www.growtogether.online