من مقدمات، وبسرعة البرق، وفي وقت تجري المفاوضات بين «طالبان» والأميركيين لبحث الانسحاب الأميركي من أفغانستان، وبسرعة ديناميكية، أعلنت الإدارة الأميركية الانسحاب من أفغانستان، وفر رئيس الدولة هاربا، وتسلمت «طالبان» السلطة، وفق ما شهدناه، وأوضح مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي جيك سوليفان أن سيطرة «طالبان» السريعة على أفغانستان كانت بسبب «فشل» الجيش الأفغاني في مواجهتها.
ما يهمني من هذه الأحداث أن هذا الدرس يجب ألا يمر مرور الكرام، ونحن كدول صغيرة وسط إقليم ملتهب، فإيران دولة مازالت عقيدتها القائمة ترتكز على تصدير الثورة والتوسع. والعراق دولة تمزقها الطائفية، وكما يسمى «الهيمنة الإيرانية» حاضرة بقوة، فنحن يجب أن تكون لدينا توازنات جديدة، فيجب أن يكون لأجهزة الأمن الوطني في دول مجلس التعاون إحياء فكرة الجيش الخليجي الموحد، وكذلك يجب أن تكون هناك إستراتيجيات جديدة على مستوى دول الخليج، وكما نعلم أنه في علم السياسة لا يوجد صديق دائم، ولا عدو دائما، وإنما توجد مصالح مشتركة، فعدو الأمس صديق اليوم، وصديق الأمس عدو اليوم، لذلك فإن تحسين العلاقات أولا بين الشعوب وحكامهم يعتبر خط الدفاع الأول عن البلاد، وكذلك إعطاء الناس حرية الرأي والتعبير، وإزالة الحواجز بين المواطنين والمسؤولين، وكذلك يجب فتح خطوط اتصال وقنوات اقتصادية وعسكرية مع كل الدول العظمى، وليس الاعتماد على أميركا فقط، وقد نقل عن الرئيس المصري الراحل حسني مبارك قوله: «المتغطي بأمريكا عريان»! ومن دروس الانسحاب الأميركي من أفغانستان أنه يجب بناء علاقات مع دول إسلامية قوية مثل باكستان وتركيا وإندونيسيا ومصر والسعودية.
هناك مثل عربي قديم يقول: «ما حك جلدك مثل ظفرك»، والأميركيون وغيرهم من الدول العظمى لا يمكن أن يستوصوا بنا خيرا، وإنما لديهم مصالح معنا، فوالله لو دارت مصالحهم إلى أعدائنا لداروا معهم.
إن بقاء الدول مرتبط بذكاء وفطنة القادة السياسيين، وبناء الدول يعتمد أولا على عقول وسواعد أبنائها وبناتها، والعمق العربي والإسلامي هو الحافظ بعد الله تعالى لكل دولة.
إن التوازنات الإقليمية تتطلب من الجميع العمل في صمت، وإقامة سوق اقتصادية مشتركة بين الدول الغنية والدول المصنعة كافة وليس الاعتماد على منظومة واحدة، بل تنويع هذه الأسواق المشتركة.
[email protected]