الجمال هو جزء من تكوين هذه الحياة، كما أن الإحساس بالجمال والتعبير عنه فطرة طبيعية، وضرورة إنسانية، وينشأ عن ذلك ما يسمى «الفن» بكل أشكاله وصوره، يبدأ بالكلمة وينتهي بما تجود به الحياة من فنون جميلة، تجعل مما يصنعه الإنسان حضارة يفتخر بها في تاريخه الإنساني، وقد عرفوا الجمال المادي بأنه هو الجمال الحسي المدرك بحواس الإنسان من جمال في الطبيعة أو البشر أو الأشياء الأخرى التي يمكن رؤيتها والتحقق منها ماديا، وفي تناسق الأشياء وتنظيمها، كما يعتبرها بعض الفلاسفة من أشكال الجمال المادي. كما يعتبر البعض أن الجمال المادي نسبي، فما يراه البعض جميلا قد يراه البعض الآخر قبيحا وهكذا، لذلك لا يعتبر الجمال المادي مطلقا، كما يمكن أن يفنى مع تقادم الزمن، لكنه أحيانا قد يرتبط مع الجمال المعنوي.
أما الفن فقد اختلفوا في تعريفه، لكني أجد أنه تلك اللغة العالمية التي يفهمها كل البشر، فليست لفئة دون أخرى، فبها تواصلت الحضارات الإنسانية على مدى التاريخ، ومنها نستطيع التقارب فيما بيننا، لذا نجد أن الإسلام اقتحم هذا المجال ونبغ فيه المسلمون بمختلف الفنون الجميلة لأنه ارتبط بكتابهم الكريم وأدخلوه مساجدهم من خلال فنون الخط العربي وتطبيقه على الأسقف والحوائط لتدل على تطور العمارة الإسلامية التي انتشرت في أغلب الأصقاع لتعبر عن تاريخهم الذي يدل عليهم.
إن الفن له أشكال متعددة، منها ما يشمل الكلمة والرسم والتجسيد والتشكيل والتمثيل وغيرها من الفنون العصرية كالصور وصناعة الأفلام وغيرها مما يعتبره العالم المتحضر فنا، ومن يرصد التاريخ يجد أن للفن الاسلامي دورا بارزا في تطوير حركة الفن العالمية وإدخال أطر جديدة في هذا العالم.
دخل الفن الإسلامي في كتابة القرآن الكريم فأنشأ الفنانون جملة من الخطوط الجميلة تناقلوها فأصبحت علما يدرس، وكذا جاءت العمارة الإسلامية التي أبهرت العالم في جمال تصاميمها وتناغم أشكالها فأضفت علامة فارقة على وجود المسلمين في أي بلد، واستمر الفن الإسلامي وغيره من الفنون الإنسانية ليكون صانع حضارة يفهمها كل البشر على أنها عنوان للجمال الإنساني.
ويبقى العمل الخيري هو الجمال الجديد في هذا العصر الحديث، بل أصبح رمزا حضاريا للمسلمين يقدمونه خدمة للإنسانية ومساهمة منهم في تخفيف المعاناة مما يصيب البشر من مصائب وكوارث يكون سببها أحيانا الإنسان نفسه أو العوامل الطبيعية وكلها بقدر الله، يقدمونه بشكل مؤسسي ومنظم يظهر أثره في البلدان لأنه يستهدف بناء الإنسان، لذا كان من الواجب على المسلمين أن يلتفتوا إلى هذا العمل ويبدأوا بصناعة فن خاص به أو بمواضيعه بكل طرق الفن المتاحة، كما يجب على العاملين في الحقل الخيري إدراك أهميته والسعي لاجتذاب أهل هذه الصنعة لأنهم سيرسمون هذا العمل الخيري بأبهى صورة، ليراه العالم أجمع ضمن إطاره الجميل الذي يقوم به أهل الفن.
الخلاصة: سيبقى العمل الخيري حبيسا في إطاره الضيق كالركاز مدفون الأثر، والفن هو الذي سيفك أسره ويطلقه للعالمية ليفهمه الناس ويرتبطوا به ليعرفوا أثره وقدره بلوحة رسام أو بنحت فنان، أو بيد خطاط أو بتصوير مخرج مبدع يظهر العمل بأبهى صورة.