بعيدا عن حيثيات التشكيل الوزاري من حيث الاشخاص والمضغ بأمور ليس لها داع تدخلنا بدوامة الصراعات والمؤامرات والضرب تحت الحزام الذي لا طائل منه ولا يسمن ولا يغني من جوع سوى انه يزيد من خلق الاجواء المشحونة التي تتضرر منها الدولة بشكل مباشر «وحنا ما حنا ناقصين» نحن اليوم بمفترق طرق نكون او لا نكون وتتجسد هذه المعضلة بالمواءمة السياسية المطلوبة من الجميع والعمل على تقريبها بقدر المستطاع، فالامر مطلوب من الجميع حتى المشجعين الذين يرون ان نجاحهم مقترن بالصراعات السياسية ان يتمهلوا قليلا فالامر يحتاج من الجميع الوقوف صفا واحدا مع الدولة، والوقوف مع الدولة نختزله نحن بالوقوف مع سمو الرئيس الذي لا يريد سوى وقت كاف للعمل بأريحية دون ضوضاء وفر وكر من قبل المجلس والصحافة ايضا، وعلينا ان ننتظر ماذا ستقدم هذه الحكومة الجديدة، لا ان نحكم عليها «بنفوسنا اللي لك عليها» وان المساهمة في هذا السياق لا تأتي الا بالعمل الهادئ لان الهدوء يبرز الاخطاء ويصححها من تلقاء نفسها لا ان نسرع بالحكم ونظهر النتائج سريعة وننتقد بصوت عال «هذا خطأ ـ هناك فساد ـ مؤامرة لنهب البلد ـ ضياع ـ سرقة ..الخ» فهذه كلمات غير صحية اطلاقا وهي اللعنة التي يتكسب منها البعض وتضيع بها الدولة، صحيح ان هناك مثلا يقول «اللي تكسبه العبه» لكن لابد ان يكون بعيدا عن مصير الامة، والنواب يعرفون ذلك جيدا ولكن لا اعرف ماذا دهاهم فخطابهم السياسي اخذ في النزول بشكل لافت للنظر حتى انه اصبح اقرب للانحدار وهم لا يتمنون ذلك ابدا لكنهم مجبورون على هذا السلوك ولابد ان يتحرروا منه من اجل الوطن وهذا السلوك اصبح شائعا ومرغوبا لدى السواد الاعظم من الشعب نتيجة لحمى عابرة اشتهر بها بعض النواب الافاضل واستلطفها وفضلها على غيرها لانها حمى محببــة تعطيــه صك البطولة والنجاح المستمر في عضوية مجلس الامة التي لا يريد ان يتركها قطعيا!
فالجميع اليوم يعرف ان النواب سجلوا في مرمى الحكومة وكل منهم يعتقد ان له دورا بطوليا في زعزعة الحكومة السابقة وحلها لا بأس، لكن لابد ان يعي الجميع ان هذه الحكومة اتت لتتفاهم مع النواب من جديد وتضع النقاط على الحروف ولتقول لهم امهلونا فإننا قادمون للعمل من اجل الكويت ولم نأت لنتصارع معكم حتى ولو قلنا لا نريد التعامل معكم سابقا فنحن سنعمل جاهدين لمصلحة بلادنا والاختيار وقع علينا ولبينا النداء وما نحن الا جزء منكم ولنعمل جميعا لخدمة وطننا الغالي، وعلى الجميع ايضا الاتعاظ من الحالة الماضية للدولة واستقراء العبر والدروس من الازمة الاخيرة التي شلت حالة الدولة وجعلت الجميع يفتي «حتى اللي ما له شغل»!
توقفت مشاريع الـ «b.o.t» في وقت سابق نتيجة المطالبات النيابية ولا نعرف لماذا، وألغيت صفقة الشراكة مع «الداو كيميكال» الشركة المتخصصة بالبتروكيماويات والتي كانت من الممكن ان تساهم في خلق فرص عمل وتساعد الدولة بالصناعات الكيماوية بينما رقص البعض لالغاء هذه الصفقة معتقدا بأنه «جاب راس غليص»! فلذلك وافق رئيس مجلس الوزراء على إلغائها مبادرة من سموه لتهدئة النفوس حتى ولو كان على حساب التنمية والايام المقبلة.
فكل ما نتمناه اليوم هو ان يوقف الجدل ونسمو فوق الشخصانية لمحاولة فهم الآخر وبفلسفة اخرى ان نتعامل مع بعضنا البعض بمفهوم البعد البؤري ولا نضع كل من نريد ان نخطئ بين أعيننا ولا نبعده ولو قليلا لنراه جيدا، وان النزعة العقلانية مطلوبة والقياس المنطقي هو السلاح الوحيد لمحاربة غش الذات ولنعطي رئيس مجلس الوزراء فرصة حقيقية نتعرف عليه من خلالها دون مزايدة من احد فمهلا ايها النواب الافاضل ولا تؤججوا الساحة ولنأمل خيرا لعل هذه الحكومة تبلي بلاء حسنا يطوي لنا ما رأيناه في الفترة السابقة.