صالح النغيمش
كل شيء بات قابلا للانتكاس حتى في مفاهيمنا، فتارة نقول شيئا وتارة اخرى ننفي ما قلناه، اختلط الحابل بالنابل، الفاهم لخفايا الأمور ينتقد بشراسة، وغير الفاهم يصفق له ويشجع ويأخذ برأيه حتى لو كان خاطئا، ما يذكرنا بالمقولة «اتلم المتعوس على خايب الرجا»، الأغاني اصبحت هابطة وبعض الجماهير لا يفرقون بين الغث والسمين، ألحانها لا تصلح للكبار ولا للصغار، «موسيقى وخلاص» والكلمات ليست لشعراء انما لمستشعرين لا يفقهون بأمور الشعر شيئا لا يجيدون بحوره ولا اجراسه الموسيقية وكأنهم يتعمدون «الكسر» لكنهم لا يكسرون، فهم منكسرون، فرضوا شعرهم بالمال بطريقة او بأخرى فلوثوا النشء الجديد، الذي ظن ان الشعر هكذا يكون فركب الموجة، والاصوات «يالله دخلك» بعضها اشبه بالنعيق لا يستطيع المستمع هضمها فنشازها مقزز واحساسها مصطنع، هذا ما احزنني وانا اشاهد بعض الأغاني على القنوات الفضائية الكويتية التي تحتفل هذه الأيام بأعياد الاستقلال والتحرير وكأن الكويت لا يوجد فيها شعراء ولا ملحنون ولا فنانون ايضا، مع احترامنا لعمالقتنا الرائعين عبدالكريم والرويشد وغيرهما من المخضرمين، لكن اين الفنانون الجدد؟ ومتى يقدمون لنا اغنية واحدة نتغنى بها ونستعذبها ونستسيغها ونرددها لأبنائنا؟ الخراب ينتج من عدم تحمل المسؤولية ومن يعتقد ان كل من أمسك بالمايك اصبح فنانا فهو مخطئ وعلى وزارة الإعلام ان تحد من هذه الظاهرة، فهذه نقطة انطلاقة افساد الذوق العام وعليها عبء بتحمل مسؤولياتها فالمسألة منفرطة والفن بدأ الانهيار وعلينا تصحيحه، فدخلاء الفن غير دخلاء السياسة وغير دخلاء الاقتصاد لأن الفن مرحلة ذهنية ومتى ما تعامل الفنان مع المتلقي برقي ارتقى الذوق العام وعليه تنشأ المفاهيم والأحاسيس الصحيحة ولا يجوز ان يصبح كل من هب ودب فنانا فالجميع بات مع الرودس.