صالح الشايجي
إن غبـت فقـد حلت محلي من هي أجـمل واهنأ منظرا للعين، من مـقال مـدسّس مسيّس، كـلمات سوداء يرى فيهـا القارئ سورات حزن أو ثورات غضب وانفعال!
غـاب مـقـالي أمس وحلت مــحله الجـمـيلة «حليـمة بولند» بصـورتها الجـميلة وإطلالتها المميزة، وبهذه المناسبة أهنئ «قرائي» في الداخل والخـــارج وفي دول الجــوار ودول الحـــوار الأوروبي ودول المحــور ودول الطـوق، حــيث كـسبـوا بغيـابي رؤية إطلالة أبهى وأجمل مما كنت سأكتبه من كلمات!
وإن كانت الكلمات تعـجب البعض ولا تعجب البـعض الآخـر وهي مـحل نزاع وخـلاف، فـإن إطلالة «حليـمـة» ليست مـحل نزاع ولا خـلاف، فهي محل تراض وتوافق، لأن العـيون كلها تحب الجمال وتتعشقه، والأرواح بحاجة ـ دائما ـ إلى الجمـال كي تحس أن الحياة تستـحق أن تعاش.
والجمال كالموسـيقى غذاء للروح وراحة للنفس، أمـا الكلام فـهو جـدار وهمي نبنيـه بأقـلامنا أو بألسنتنا قـاصدين منه إيهام الآخـرين وتصوير الرؤى والأحلام على أنها حقائق!
لا أحد يملك سـوط الحقـيقة ولا سلـطانها ولا سطوتها، كلنا نـكتب وننسى ما كتـبنا، أو نقول وننسى مـا قلنا، وعلى رأس رؤوسنا زعـمـاؤنا وســيـاســيــونا وحـتـى مـفكـرونا وأدباؤنا وشعراؤنا، لأن الكلام ـ كتابة أو قولا ـ هو مجرد تسلية لا أكثر، يمارسها صـاحبها، مثلما يمارس لاعب السـيـرك لعـبتـه بالسـيـر على الأسـلاك الدقيـقة من على علو، فـإما أن يكمل «مسـيرته» بنجـاح وينال تصـفيـق الجمـهـور، أو يقع على رأسه فيـدخل العناية المركزة ومنها إلى المقـبرة، دون أن يترحم عليه أحد.
الكتـابة لا تعـدو ذلـك، لا تعـدو رسم الوهم، والأفضل والأنجح في عالم الكتابة أو القوالة هو الأكثر قدرة على تجميل الوهم ورسمه بدقة!