صالح الشايجي
«جابر عصفور» أحد أعمدة الثقافة العربية الحديثة، ناقد ومفكر وأستاذ جامعي، ورجل يتحلى الى جانب فضيلة العلم، بفضيلة الأدب والخلق الرفيع.
إنه رجل من الصعب تصويب سهم جارح إليه، إلا لذي غرض يسعده إخلاء ساحة الفكر والحق من «أجاويدها» و«أجاودها».
وهو إذ يحل ضيفا على الكويت، ضمن مهرجانها الثقافي، فلأنه ليس غريبا عن الكويت التي عاش فيها سنوات من عمره أستاذا في جامعتها، تتلمذ على يديه وتأدب بأدبه واستزاد من علمه كثير من أبنائها، يمتنّون بالفضل له، ولا يُرخصون بأستاذيته ولا بالزاد الثقافي الذي ملأ به «جابر» عقولهم وساهم في رفع قامتهم الثقافية، وكثير من أولئك غدوا الآن مصابيح تضيء نهار الكويت قبل ليلها.
هذا الرجل - جابر عصفور - لا يستحق ان يُجرّح من قبل أحد المواطنين الكويتيين - عضو في مجلس الأمة - الذي شكك في دعوة «جابر عصفور» الى الكويت، مدعيا ان له «موقفا معاديا للكويت» ثم عرّج على كتابات «جابر» التي ادّعى أن فيها «تطاولا على الذات الإلهية»!
لست في صدد الدفاع عن «جابر عصفور» ولكنني أشك كل الشك في ان يكون له موقف معاد للكويت أثناء غزوها، فنحن عارفيه ومنا أصدقاؤه، لم يسمع أحد منا ما يعيبه في هذا الشأن، وصفحته بيضاء في علاقته لا مع الكويت وحسب، بل مع الحق، والحق كان مع الكويت وسيبقى معها وكل المؤمنين بالحق معها، ليس في ذلك فضل ولا منّة! أما عن ان كتابات له فيها مساس بالذات الإلهية، فرغم عدم تيقني من ذلك، فإنني أرد بالقول ان له بلدا يحاسبه - إن كان قد مس المحرمات التي يؤاخذ عليها القانون - وليس من شأننا نحن محاسبة الناس وتتبعهم لكي نقتص منهم على آرائهم وأفكارهم، ثم إن الله - عزّ وعلا - أجلّ من ان يحتاج الى دفاعنا عنه، ونحن المستضعفون والفقراء إليه تعالى! ولعلم المواطن المذكور، فإن الدكتور «عصفور» لا يخفي يساريته، ولو انه متلون وانتهازي لكان تحول الآن الى الفكر الرائج والبضاعة الرابحة، واعني بضاعة «التدين» وبيع «الفتاوى» وشراء القصور! ووجدي غنيم ليس عنا ببعيد! ولكن «جابر» بقي على قناعاته ولم يتاجر بها.