الوقوف مع الحق، والدفاع عن الحقيقة، شرف يتقلده الإنسان، وقيمة عليا من القيم الإنسانية.
ومن هذا المنطلق، أقف مدافعا عن النائب «محمد هايف» الذي تناولته السهام من كل صوب تجرّح أو «تِدْوش»، وكأنما الرجل – لا سمح الله – ارتكب خطيئة يستحق معها سهام الرماة المتتالية.
كل ذلك لأن الرجل، طلب رأي لجنة الإفتاء وفتواها حول معنى «الزي الشرعي للمرأة».
أين الخطأ في ذلك؟ وقد مارس الرجل حقوقه الدستورية في انسجام تام مع نفسه ومع منطلقاته الفكرية وما يعتقده. ورغم أنه يعرف مسبقا – كما نعرف جميعا – ما يعنيه الزي الشرعي للمرأة في الإسلام، فإنه أراد حجة من جهة ذات اختصاص، فجاءت الفتوى على الشكل الذي ظهرت به.
ثم ما الذي كان يتوقعه المهاجمون من لجنة الافتاء، وقد استفتيت حول معنى الزي الشرعي للمرأة؟!
هل كانوا يتوقعون أن يكون رد اللجنة الموقرة بأن الزي الشرعي، هو «الجينز» و«التي شيرت» وأن ينسدل الشعر على الكتفين ويبرز النهدان وكل ما يصف جسد المرأة ويشفّ عما تحته؟!
«هايف» مارس حقه ولم يخطئ، واللجنة المستفتاة أجابت بعلمية وموضوعية ولم تزوّر أو تزورّ عن الحقيقة. إذن ليس من خطأ ولا عيب يلحقان النائب «محمد هايف» ولا اللجنة الموقرة. ولكن إن كان هناك من خطأ وعيب، فهما في تلك الحملة المسعورة وغير المدروسة والغبية التي انطلقت ضد النائب ولجنة الإفتاء، لأنهما لم يرتكبا خطأ فيما سارا عليه. فتلك الحملة كان يجب عليها أن تحيّد النائب واللجنة، وتذهب مباشرة إلى هدفها الذي يجب أن ينحصر في مفهوم خطورة أن تقاد الدولة المدنية بالإفتاء الديني. هذا هو مكمن الخطورة، لاسيما إذا استجابت الحكومة ومجلس الأمة لمضمون الفتوى وطبقاه، فضلا عما يلحق ذلك من آثار رجعية تتعلق بثلاثة انتخابات تشريعية جرت مخالفة لنص الفتوى.
يجب ألا ننظر للفتوى الدينية ونحصرها في هذه الفتوى الخاصة بزي الناخبة والمرشحة، بل علينا ان ننظر للأمام، فماذا إذا استفتى أحدهم حول تعليم البنات أو حتى تعليم الأولاد وفق المناهج الحالية التي لا تقتصر على العلم الشرعي، وحول التمثيل برمته ومشاركة الرجال فيه والنساء، وحول الغناء والموسيقى والبنوك التقليدية وسفر المرأة دون محرم وعمل المرأة وارتداء الرجال والشبان منهم بالذات للملابس الحديثة والافرنجية.
وما الى ذلك من فتاوى علما بأن هناك رأيا شرعيا يحرّم تلك الأشياء كلها وغيرها الكثير. فإذا ما فتح باب الفتوى فإنه لن ينغلق حتى لو تحولت البلاد إلى «طالبان» أو أكثر سوءا وجهلا. هكذا يجب أن ننظر إلى الأمور، لا أن يتسلى البعض ويستسهلوا الهجوم على نائب مارس حقا من حقوقه، وعلى لجنة لم تحد عن الحق ولا الحقيقة.