أعلنت خمس عشرة شركة من كبريات الشركات الأميركية وعلى رأسها «آبل» و«غوغل» و«IBM» عن إلغاء شرط حصول المتقدم إلى وظائفها على الشهادة الجامعية أو المؤهل العالي، واشترطت عوضا عن ذلك المهارة والكفاءة والخبرة.
في مثل هذا الإجراء اعتراف صريح بمعطيات الواقع وإفرازاته، فنحن نعيش عصرا تحول فيه غير المتعلم أو قليل التعليم إلى مهني يبز أكبر أصحاب الشهادات ويقوم بعمل لا تستطيع القيام به مجموعة من كبار المتعلمين أو خريجي الجامعات.
وإعلاء شأن الخبرة والمهارة ليس بالأمر الجديد ولا المستجد على الحياة المهنية والوظيفية ولكن الجديد في الأمر هو إعلانه من قبل هذه الشركات العملاقة، وجعل الخبرة والكفاءة والمهارة الوظيفية تلغي الشهادة الجامعية.
وذلك أمر واقعي أتمنى لو تلتفت إليه مؤسساتنا وشركاتنا التجارية ودوائر العمل سواء في القطاع الخاص أو القطاع الحكومي.
في السابق مارس الطب من لم يدرس الطب ولم يدرج في مدارج كلياته، ومارس المحاماة من لم ير لافتة كلية الحقوق، وبنى وعمر وأنجز من لم يكن مهندسا، اعتمادا على الخبرة والكفاءة والموهبة كل في مجاله.
إن صناع الكويت الحديثة ومن تولوا المسؤوليات الإدارية والوظيفية في فجر الكويت الجديد بعد تدفق الثروة النفطية، لم يكن أحد منهم يحمل شهادة جامعية ولكنه كان يحمل ما هو أهم منها، وهو الكفاءة والخبرة والحكمة والإخلاص، ولقد اجتهدوا في وظائفهم وأخرجوا للدنيا بلادا حديثة بثوب عصري قشيب.
ووزراء حكوماتنا في بدء الاستقلال، لم يكن أحد منهم يحمل الشهادة الجامعية وكذلك نواب مجلس الأمة إلا نفرا نادرا منهم.
والذين لبوا نداء وزارة الخارجية صبح الاستقلال للعمل فيها كسفراء للكويت في الخارج لم يكن أحد منهم ربما حائزا على شهادة جامعية.
وأولئك الوزراء وأولئك النواب وأولئك السفراء، هم خير من شغل تلك المناصب، ولا أطعن بمن جاء بعدهم وشغل المناصب نفسها، ولكنما أذكر الحقيقة مجردة.
شركات قوامها مليارات وربما تريليونات تلغي شرط الشهادة الجامعية، بينما نفر مرضى يدعون كذبا وتزويرا حصولهم على الدكتوراه من أجل دريهمات قليلة، وهيبة وهمية ترفع رؤوسهم المنكسة.
وذلك هو الفرق.
[email protected]