في ديسمبر من عام 1961 اختفى مسؤول البلدية في منطقة حولي المواطن الكويتي محمد البداح.
وفي أغسطس 2003 اختفى الصحفي المصري رضا هلال.
لا محمد البداح الذي مضى على اختفائه قرابة الستين عاما ولا رضا هلال الذي مضى على اختفائه عقد ونصف من الزمان، ظهرا أو حتى عرف مصيرهما، فالاثنان في ذمة المجهول.
وليسا هما فقط من كتب عليهما الاختفاء، بل هناك مئات وربما آلاف.
أستعيد حوادث الاختفاء ونحن في غمرة الأحاديث والأخبار المتكاثرة عن اختفاء الصحفي السعودي «جمال خاشوقجي»، الذي أتمنى أن يكون بخير وأن يعود إلى أهله ووطنه سالما.
ولكن مع الأسف فإن ايراد التمنى هنا لا يعدو كونه تمنيات إنسانية يوجب المقام ابداءها، ولكن لا أظنها سوف تترجم إلى واقع وحقيقة.
إن جريمة إخفاء خاشوقجي مدروسة ومحبوكة ومدبرة بحرفية عالية ومن قبل أجهزة متمرسة في مثل هذه الجرائم الدنيئة، وسوف يبقى التحقيق فيها مكانك راوح ولن يسفر عن شيء، مثلما حدث في قضيتي البداح الكويتي وهلال المصري.
واضح أن هناك تعمدا في التستر على المجرم الحقيقي وآلية تنفيذ الجريمة من خلال توجيه التهم إلى طرف بريء وتركيز الأنظار عليه، حتى يكمل المجرم الحقيقي نسج خيوط جريمته.
لو كانت هناك جدية لدى أجهزة التحقيقات التركية في كشف الفاعل لكانت توجهت للسيدة التركية التي ادعت أنها خطيبة خاشوقجي وأنه أودع لديها هواتفه ومتعلقاته الشخصية أثناء انتظارها له على رصيف القنصلية. وهذا هراء وكذب مكشوف، وما حدث هو أن خاشوقجي وبعد خروجه من القنصلية ركب سيارة معارفه الذين لم يكن يعرف نيتهم بخطفه، وتم اقتياده إلى المكان المحدد وتجريده من هواتفه ومتعلقاته الشخصية وأخذتها تلك السيدة ووقفت أمام القنصلية بزعمها دخوله وعدم خروجه وهي بانتظاره!!
لماذا لم تدخل هي معه القنصلية، ولماذا يعطيها هواتفه، ولماذا تقوم بتصوير نفسها وهي واقفة على رصيف القنصلية؟!!
لقد دخل خاشوقجي عش الدبابير وعرف ما عرف عن الاخوان المسلمين، فرفض نواياهم وقرر الانسحاب والعودة إلى بلاده، فلم يجدوا بدا من تصفيته وتوجيه التهمة إلى المملكة العربية السعودية لشغل الرأي العام ولصرف الأنظار عن الفاعل الحقيقي الذي سيبقى مجهولا، رغم أنه معلوم معلوم معلوم!!
[email protected]