رحم الله جمال خاشقجي، وخالص عزائنا لأهله وذويه في وفاته راجين لهم جميل الصبر والسلوان، ولقد انفطرت قلوبنا على ما لاقوه طوال عشرين يوما من قساوة أخبار ملفقة مفبركة، استهانت بإنسانيتهم وإهانتهم وعبثت بمشاعرهم، ولم يردع مطلقيها ومروجيها لا ذمة ولا ضمير ولا أي حس إنساني.
أولئك الذين روجوا لتلك الأخبار الملفقة والمفبركة وأشاعوها بين الناس والتي تتحدث عن تقطيع لجسد الراحل وتمثيل بجثته وادعوا أن لديهم أدلة مادية على ادعاءاتهم دون أن يقدموا تلك الأدلة المزعومة للجهات المعنية، أولئك لابد من تقديمهم للمحاكمة شأنهم شأن القتلة الحقيقيين، فهؤلاء لا يقلون عن القاتلين الفعليين في إجرامهم وشناعة أفعالهم وعبثهم بعواطف ذوي القتيل وأحاسيسهم.
إن كان القاتلون الحقيقيون قد قتلوا فردا، فإن الذين روجوا للأخبار المروعة والكاذبة قتلوا أناسا آخرين في كل الأرض وفي كل مكان وصلت إليه أخبارهم الملفقة، لذلك يجب ألا يفلتوا من العقوبة حتى يكونوا عبرة لكل الذين يستمرئون السير على درب الكذب والإشاعات المغرضة.
إن ضميرنا الإنساني يرفض بشدة جريمة قتل جمال خاشقجي كما يرفض أي جريمة قتل أخرى، ونرجو إيقاع أقسى أنواع العقوبة فيمن نفذها برجل مستجير بسفارة بلاده، فذلك عمل دنيء وسافل تأباه كل القيم الإنسانية، وفي القدر نفسه نرفض وندين بشدة أولئك الذين لم تردعهم ضمائرهم من استغلال قضية اختفاء خاشقجي، ليرسموا سيناريوهات وقصصا خيالية يدعون فيها أمورا لم تحدث ولا يمكن تصورها، لذلك يتعين تقديمهم للمحاكمة كمشاركين بالجريمة، بل إن جرائمهم تفوق جريمة الفاعلين الأصليين.
«إن الفتنة أشد من القتل» وأولئك السفلة الساقطون هم فعلا زراع فتنة وقتلة من وراء الستار، يريدون إشاعة الفتنة بين الناس ويهدفون إلى ترويعهم وتخويفهم ونزع الطمأنينة من قلوبهم، لذلك استحقوا عقاب المجرمين الفعليين.
ولقد أحسنت المملكة العربية السعودية صنعا بكشفها عن المنفذين لجريمة قتل خاشقجي وتقديمهم للمحاكمة السريعة، وذلك ما كان متوقعا من المملكة وقيادتها.
نرجو أن تتجاوز المملكة الشقيقة هذه المحنة، وأن تسود الحكمة والعقلانية في معالجة أذيال هذه القضية ولملمة أطرافها.
[email protected]