في تاريخنا الكويتي القريب مصطلح كان متداولا ومستخدما حتى خمسينات القرن العشرين وهو «هدامة».
ويقصد بـ «هدامة» المطر الغزير الذي يؤدي إلى تهديم بعض البيوت المبنية آنذاك من الطين، والماء أصل الطين ومفنيه في الوقت ذاته، فلا طين دون الماء ولا يفني الطين بصورة طبيعية سوى الماء إن كثر وجاش.
وهناك عدة هدامات في تاريخ الكويت حتى ان السنوات التي يهطل فيها مطر غزير ويؤدي إلى هدم البيوت تسمى بسنة «هدامة».
ففي عام 1934 وهو الأرجح حدثت هدامة أدت إلى تهديم البيوت وتشريد أصحابها، أما الهدامة التي عشتها فهي هدامة عام 1954 وكنت مدركا ولكن لا أقف على تفاصيلها سوى شذرات مما كنت أسمع من الأهل والكبار عموما.
في كل الأحوال كان للحكومة دور في تخفيف مصائب الناس الذين تهدمت بيوتهم وتقليل الانعكاسات السلبية عليهم جراء تهدم بيوتهم. وكان مما تعمله الحكومة، إيواء المتضررين في المدارس والقيام بتقديم الخدمات الغذائية والمعيشية لهم حتى يتم إصلاح بيوتهم وعودتهم إليها أو إيجاد البديل لهم.
الغرض من ذلك السرد هو مقارنة ما كان يحدث قبل ستين عاما ويزيد وبين ما يحدث اليوم وردات الفعل المتباينة بين سنوات «الهدامة»، وما يجري في وقتنا الراهن من ردات فعل الناس بعد هطول أمطار غزيرة تتسبب في إتلاف بعض المنشآت وفيضانات مائية في الشوارع تؤدي إلى إغلاقها وعدم قدرة السيارات على التحرك وتعرض ركابها للغرق، وتسرب المياه من الأسقف وما إلى ذلك من حوادث تسبب في بعض الأحيان خسائر في الأرواح.
في زمن «الهدامات» لم يكن الناس يلومون ولا يعتبون على الحكومة بسبب ما حل ببيوتهم، فليس للحكومة يد فيما حدث، بل كان الناس يشكرون الحكومة لمساعدتهم، أما ما يحدث اليوم فهو العكس تماما، يتسارع الناس إلى رجم الحكومة وتقريعها ولومها بسبب ما تسببه الأمطار من نتائج سلبية على الشوارع والجسور وانسداد مجاري تصريف المياه وارتفاع منسوبها فوق سطح الأرض وما يؤدي إلى تسربها إلى بيوتهم وغير ذلك، وهم في ذلك اللوم محقون، فمواعيد الأمطار وكمياتها معروفة وعلى الحكومة أن «تزهب الدوا قبل الفلعة» كما يقول مثلنا الكويتي، حتى لا تتحول أمطار الخير إلى كوارث ومصائب.
[email protected]