في عام 1977 وكنت حديث عهد بالكتابة الصحافية الاحترافية أو المستمرة، كتبت مقالا تلقفه رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير جريدة الأخبار المصرية الصحافي الراحل موسى صبري بسوء نية وعرضه بشكل مخلٍ وعلى طريقة «لا تقربوا الصلاة» فشكل انطباعا سلبيا لدى القارئ المصري، وهو غير ملام بالطبع لأن المقال وصله بتلك الطريقة المجتزأة التي اختارها موسى لغرض الإيقاع وإظهار الصحافة الكويتية بمظهر المتطاول والمتجني على مصر والمصريين. وترتبت بناء على وقيعة موسى صبري توترات بسيطة.
ذلك زمان مضى وانقضى وغلبته سنوات تفوق الأربعين، وما قصدت التذكير به ولكنني أسوق تلك القصة لأخذ العظة وعدم الانجرار وراء أخبار مفبركة ومصنعة بمصانع الكذب والتلفيق أو أخبار لا تحمل من الصحة إلا قدر عشرها والبقية بهارات وزيادات وخيالات مريضة تريد الوقيعة وإشعال فتيل الفتنة.
ومما يؤسف له فإن مثل هذه الأخبار زادت في الآونة الأخيرة ومع وجود ما يسمى بوسائل التواصل الاجتماعي، وصار لها صناع ومبتكرون ومصممون ومروجون ومتلقون، وكلها تنبع من منبع الشر لتنفث حمم الوقيعة والكراهية بين الناس ولتهييج النفوس وبث الكراهية بين الشعوب، وحتى بين أبناء المجتمع الواحد.
لقد ساحت الأمور وطاشت العقول وجمحت النفوس وجاشت العواطف الخادعة وتعطلت لغة العقل وسادت لغة الجهل والسفالة والدناءة. فكلما حدث حادث مما يحدث بشكل طبيعي في كل أرجاء الدنيا حمل الهدامون معاولهم لهدم جسور المحبة والتواصل، ونثر أهل الفتنة بذورهم وطيروها في الهواء لتسميم الأجواء ولتعكير ما كان صافيا.
في حادثة موسى صبري التي أوردتها بدء مقالي كان يقودها أحد قادة الرأي العام وكان يطل على الناس من عل ومن منصة مرتفعة جدا وهي جريدة الأخبار الواسعة الانتشار وإحدى كبريات الصحف العربية، أما الان فإن أبطال المرحلة مع الأسف صبية ومتعطلون ومتبطلون فرحون بما لديهم من أدوات الهذر فيهذرون ويلغون لغو الجهلاء مثيرين الفتن ومشعلين نيران الحقد والتباغض، وما هم إلا أدوات حقيرة في أيدي أشرار يسيرونهم من وراء الستار.
وعلى العقلاء تفويت الفرصة على أصحاب النوايا السيئة ودحرهم وتجاهلهم.
[email protected]