«هل رأى الحب سكارى مثلنا
كم بنينا من خيال حولنا
ومشينا في طريق مقمر
تثب الفرحة فيه قبلنا
وضحكنا ضحك طفلين معا
وعدونا فسبقنا ظلنا»
هذه الأبيات وأبيات تليها كتبها الشاعر إبراهيم ناجي وشدت بها أم كلثوم وتعملق في تلحينها رياض السنباطي وتعتبر من أجمل المقاطع في الأغنية التي اعتبرها البعض أجمل ما غنت أم كلثوم وأعظم ما لحن رياض السنباطي.
أنا وغيري كثيرون ظننا أن هذه الأبيات تقع ضمن قصيدة الأطلال لإبراهيم ناجي، ولكن الحقيقة، أن هذه الأبيات ليست من ضمن قصيدة الأطلال ولكنها من قصيدة أخرى للشاعر إبراهيم ناجي وهي قصيدة الوداع.
يقول ناجي في قصيدة الوداع:
«حان حرماني وناداني النذير
ما الذي أعددت لي قبل المسير
زمني ضاع وما أنصفتني
زادي الأول كالزاد الأخير»
ويقول فيها أيضا:
«كل شيء صار مرا في فمي
بعدما أصبحتُ بالدنيا عليما
آه من يأخذ عمري كله
ويعيد الطفل والجهل القديما
ثم يصل إلى
«هل رأى الحب سكارى مثلنا»
ليختتمها بـ:
«مضت الشمسُ فأمسيتُ
وقد أغلقت دوني أبواب السحاب
وتلفــت علــى آثـارهـــا
أسأل الليل ومن لي بالجواب»
أما كيف تسللت هذه الأبيات من قصيدة الوداع إلى قصيدة الأطلال، فيرجع ذلك إلى طلب «أم كلثوم» من أحمد رامي شاعرها الأثير إلى نفسها أن يختار أبياتا من قصيدة الأطلال الطويلة كي تغنيها.
ويأتي ذلك الطلب من رامي وليس من ناجي صاحب القصيدة بسبب وفاة ناجي، فقام أحمد رامي بالفعل بانتقاء أبيات من قصيدة الأطلال والتي تبدأ بـ
«يا فؤادي رحم الله الهوى
كان صرحا من خيال فهوى»
ولقد تم تغيير الشطر الأول إلى
«يا فؤادي لا تسل أين الهوى» وغنتها أم كلثوم بهذه الصورة.
فقام رامي بانتقاء سبعة أبيات من قصيدة الوداع لإبراهيم ناجي وادخلها ضمن قصيدة الأطلال التي غنتها أم كلثوم ونعرفها جميعا.
وفي ظني أن إدخال هذه الأبيات السبعة ضمن قصيدة الأطلال التي غنتها أم كلثوم هو السبب في نجاحها الساحق، حيث نلاحظ كيف تتجلى أم كلثوم وهي تغنيها وتعيد وتزيد وفي كل مرة بصورة طربية أفضل.
[email protected]