في مشهد تمثيلي هزيل ومهلهل ومفتعل وركيك، يقوم المذيع المصري محمود سعد بزيارة مصورة تلفزيونيا لمرقد السيدة نفيسة في القاهرة.
هي السيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، ولدت عام 145 هجرية وتوفيت في القاهرة عام 208 هجرية.
ولن أفصل في تفاصيل تلك الزيارة وافتعال المذيع من أجل جلب الأنظار وما كان عليه البرنامج من ركاكة وهزال وافتعال، ولكن سأتجاوز عن كل هذا وصولا إلى تصويب الأخطاء التي تلفظ بها مذيع البرنامج وأراد أن يسوقها بين الناس على أنها حقيقة.
يقول المذيع إن أهل مصر اشتكوا من ظلم الحاكم «أحمد بن طولون» وجوره وتعسفه، فذهبوا إلى السيدة نفيسة يطلبون مساعدتها ووقفتها معهم، فكتبت رسالة إلى «ابن طولون» وكانت رسالة بليغة وحكيمة وفيها تذكير بمصير الظالمين وما إلى ذلك، وسألتهم متى يخرج «ابن طولون»؟ فحددوا لها الوقت وخرجت بنفسها في موعد مرور موكبه.
يقول المذيع: فلما رآها «ابن طولون» ترجل عن حصانه وحياها فسلمته الرسالة التي كتبتها، ومن بعد تلك الرسالة انصلحت حال «ابن طولون» وكذلك حال البلاد!!
السقطة المروعة والتي تقوض كل أركان ذلك البرنامج المفتعل، هي حينما تطل الحقيقة بوجهها لتقول:
إن «أحمد بن طولون» ولد عام 220 هجرية أي بعدما ماتت السيدة نفيسة باثني عشر عاما! فكيف إذن اخترع لنا المذيع تلك القصة التي ربط بها بين السيدة نفيسة و«ابن طولون»؟!
كما أن «ابن طولون» ـ وكما تقول الكتب ـ رجل تقي وورع وعلم وعدل، ولم يكن ظالما ولا متعسفا كما قال المذيع.
فلماذا هذا الاستخفاف بعقول الناس؟ وما القصد من القيام بزيارات متلفزة لقبور وأضرحة ومراقد ونسج قصص خرافية حول أصحابها؟ والتظاهر بالخشوع والتأثر من قبل مذيع هو في غير حاجة لمثل هذه النوعية من البرامج التي ليس هو أهلا لها لضعفه في قراءة الآيات القرآنية ولاستيعاب المشهد الديني استيعابا حقيقيا لا مفتعلا، والأهم أنه ليس قادرا على جلب المعلومة الصحيحة والإعداد الجيد للمادة التي يقدمها.
[email protected]