في أواخر سبعينيات القرن العشرين انطلقت شرارة ثورة غيرت وجه منطقتنا وأدخلتنا في حومة المشاكل والحروب والاحترابات السياسية وغيرت مفاهيم وولدت مفاهيم جديدة وغريبة.
أعني بها الثورة الإيرانية التي اجتمعت أفئدة الإيرانيين حولها فخرجوا إلى شوارع مدنهم وملأوا الساحات وغصت بهم الشوارع ولم يهدأوا حتى أسقطوا الشاه محمد رضا بهلوي حاكم إيران وامبراطورها.
سميت الثورة الإيرانية بثورة «الكاسيت» إشارة إلى أشرطة «الكاسيت» الصغيرة التي كان يسجلها رجل دين إيراني مقيم في باريس اسمه «الخميني» ويحمل صفة الإمام فكان يقال عنه «الإمام الخميني».
الثورة الإيرانية لقيت الكثير من الترحيب من قبل شعوب المنطقة، وذلك من منطلق نصرة الشعوب المظلومة وهكذا كنا نرى الشعب الإيراني تحت حكم الشاه وأيضا بسبب عدم ثقتنا بالشاه وما كنا نسمعه عنه من ديكتاتورية ودموية وكذلك جهازه المخابراتي الدموي المسمى السافاك الذي كانت ترد إلينا أخباره بما يشبه الأساطير وتفاصيل القسوة في تعذيب ضحاياه واغلبهم من الأبرياء.
وكان الشاه قد احتل الجزر الإماراتية الثلاث «طنب الكبرى» و«طنب الصغرى» و«أبوموسى» ما جعله في أنظارنا نحن شعوب المنطقة عدوا ومحتلا، وهذه الأسباب مجتمعة وغيرها هي التي جعلتنا نؤيد الثورة الإيرانية ونفرح بانطلاقها ومن ثم بانتصارها وإسقاط الشاه.
وصل الخميني إلى طهران من منفاه الباريسي واستولى على الثورة واحتل العرش البهلوي وصار سلطانا سماويا وتسلم البلاد وأسلمها أو بالأحرى «شيعها» وتحولت ايران تحت عمامته من بلاد مدنية تتعايش مع محيطها العالمي إلى دولة إسلامية شيعية.
عند هذه المستجدات بدأت نظرتنا للثورة الإيرانية تتغير قليلا وبدأ الإحباط يتسلل إلى قلوبنا، وراحت الآمال بحكم مدني عادل مسالم في ايران تتلاشى وتتبخر.
أما ما جعلنا نقطع حبل المودة مع الحكم الإيراني الجديد بصورة نهائية، فهو رفع ايران لشعار تصدير الثورة بمعنى أنها تنوي الاستيلاء على دول الخليج والعراق ثم تبدأ التوسع لتحتل العالم بأجمعه، هذا هو ما كان يدور في رأس الخميني وجماعته وذلك من خلال توسيع رقعة انتشار المذهب الشيعي بين المسلمين ومن ثم بين أصحاب الديانات الأخرى وهكذا.
وإلى المقال القادم.
[email protected]