في النصف الأول من ثمانينات القرن المنصرم وكنت حينها أكتب في جريدة «القبس»، كتبت مقالا انتقدت فيه وزير الصحة الدكتور عبدالرحمن العوضي الراحل قبل أيام، وكان النقد حادا وقاسيا جدا.
هذا المقال أغضب المرحوم الشيخ سعد العبدالله ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء حينها، فاستدعى رئيس التحرير الأستاذ محمد الصقر وأبدى استياءه وغضبه مما ورد في المقال.
كان الدكتور عبدالرحمن العوضي مقربا جدا من الشيخ سعد ، رحمه الله ، وكان محل ثقته واحترامه، لذلك كان يحمله الكثير من المسؤوليات بحيث يكلفه بحمل حقائب وزارية بالإنابة كلما كان أحد الوزراء في إجازة، وبذلك يكون وزيرا لأكثر من وزارة في وقت واحد، وهذا أمر شائك ومسؤولية كبيرة ولا شك، ولكنها لم تنل التقدير الملائم من ناحيتي وأخذتها على العكس وأنها مجرد تعزيز وتكريم للدكتور العوضي، رحمه الله.
توقعت أن يكون الدكتور العوضي غاضبا مما ورد في المقال وعلى أقل تقدير أن يقوم بشكايتي واتهامي بالتطاول عليه والإساءة إليه، كما جرت العادة لدى من يتعرضون للتجريح الصحافي من الشخصيات العامة والمعروفة.
ولكن شيئا من هذا لم يحدث، لم يلجأ للقضاء ولم يتخذ أي إجراء ضدي.
وعلى الصعيد الشخصي، كان الدكتور عبدالرحمن العوضي محبا وودودا معي، وأنا الذي ظننت أنه لن ينسى ما ناله من نقد يصل حد الهجاء، ولكن في كل لقاءاتنا التالية على قلتها لم أجد منه سوى البشاشة والابتسامة وطيبة القلب، رحمه الله.
والراحل عبدالرحمن العوضي كان من أبناء الكويت المخلصين والباذلين جهدهم في سبيل خدمتها وخدمة الإنسان على وجه العموم.
ولقد تعددت أنشطته ومشاريعه الصحية وجهوده بين الاهتمام بمكافحة التدخين والحرص على شيوع رياضة المشي والتركيز على سلامة البيئة لما لها من أثر على صحة الإنسان وحياته، وغير ذلك من اهتمامات.
ذلك هو الراحل الدكتور عبدالرحمن العوضي بما يملك من أخلاق كريمة وصفات نبيلة وتفان وحب لعمل الخير، للخير نفسه لا بحثا عن مصلحة شخصية.
وأيضا أقدم من خلال ما كتبت هنا اعتذارا عما بدر مني في حقه قبل خمسة وثلاثين عاما.
رحم الله الدكتور عبدالرحمن العوضي وألهمنا الصبر على فقده.
[email protected]