إن أشهر جائزة في العالم هي «جائزة نوبل» وهي مجموعة من الجوائز الدولية السنوية، تمولها عدة مؤسسات سويدية ونرويجية، تقديراً للإنجازات الأكاديمية أو الثقافية أو العلمية.
فكرة هذه الجائزة نبعت من «تأنيب الضمير»، فقد قام الكيميائي السويدي ألفرد نوبل (21/ 10 /1833 - 10/ 12/ 1896)، باختراع «الديناميت» عام1867، ومن ثم أوصى بمعظم ثروته التي جناها من الاختراع إلى جائزة سميت باسمه تكفيرا وطلبا للعفو والسماح من كافة البشر على سوء ما فعله هذا الاختراع من قتل وتجريح وعاهات في البشر، رغم أن اختراعه بريء، ونواياه سليمة، كان يقصد مساعدة العمال في تكسير الصخور في الجبال لعمل أنفاق سكك القطارات، وشق المجاري للمياه وبناء السدود، لكن الشق الإجرامي في مخ إنسان آخر استخدم هذا الاختراع لقتل البشر بصنع الألغام، والأسلحة الفتاكة، ما جعل المهندس ألفرد نوبل يوصي بكل ثروته التي جناها من هذا الاختراع، بإنشاء جائزة سنوية أسسها عام 1895 ومنحت أول جائزة نوبل عام 1901 وقد تشعبت إلى جوائز عدة في الكيمياء، والأدب، والفيزياء، والطب، والسلام، والاقتصاد، بلغ عدد الجوائز ما يقارب 600 جائزة، استفاد منها ما يقارب ألف شخص ومؤسسة علمية.
من هذه القصة، والتي بدأت بحسن نية، ولخدمة البشرية، ثم تسلمها الأشرار، والفجار وأصحاب الضمائر العفنة، وحادوا بها إلى طريق الضلالة، والإجرام وحولوها من نعمة إلى نقمة.
إن ما أصاب مهندس الكيمياء ألفرد نوبل من خيبة أمل من اكتشافه واختراعه للديناميت، فليتها تصيب الأميركية «بريان أكتون» والأوكراني «جان كوم»، وكلاهما من الموظفين السابقين في موقع «ياهو»، ويقع مقرها في كاليفورنيا.
ففي يناير 2009، اشترى «كوم» جهاز آيفون وبدأ مع صديقه في التفكير لإطلاق تطبيق جديد للدردشة يكون مجانيا وأفضل من خدمة الرسائل النصية SMS، وكانا يعملان على تطويره في منزلهما وفي المقاهي.
أطلقا عليه اسم «واتس آب» بمعنى «ما الجديد»، وقد كتب لهما النجاح منذ إطلاقه، فبعد خمس سنوات بلغ عدد المشاركين 450 مليون مشارك وبلغت قيمته نحو 6.8 مليارات دولار، وقد دفعت فيسبوك 16 مليار دولار لشراء «واتس آب».
ما يعنينا مما سبق أن أصحاب الاختراعات والاكتشافات كانوا يهدفون إلى الخير، والنعمة، والرفاهية لكل البشر، لكن البعض جعل من هذه الاختراعات وسيلة للشر والنقمة، وإزعاج البشر، فمن خلال «واتس آب» تنشر الفضائح، والأكاذيب، والإشاعات، والتحريض على الفوضى، وهتك الأعراض، والطعن في سمعة الناس، وما يزيد من تلك الجرائم هو التقنية العالية في أجهزة الكمبيوتر من تركيب الصور والأصوات، و«الفوتوشوب» ومن دقة وإتقان وسائل الشياطين في الكذب والتدليس والتزوير، يعتقد المتلقي أنها صحيحة، فكم عوائل تفككت، وأسر تحطمت، وكم من شعوب شحنت بالبغضاء والعداوات، وكم وشايات تناقلتها وكالات الأخبار كذباً وزوراً.. أليس الأجدر بمن صنع «الواتس آب» أن يكفر عما صنعه بالبشر، وينشئ «جائزة أكتون. كوم» ليتوبوا إلى ربهم، ويجعلوا مما رزقوا من المليارات نصيبا لعلاج وتضميد جروح «الواتس آب» وجبر كسور عظام مستخدميه، وجبر خواطرهم، كجائزة أفضل رسالة باستخدام «الواتس آب»، انتفع الناس بها، أو استفاد منها أي مجال علمي أو أدبي.. ومنا إلى مستخدمي «الواتس آب» انشروها تفضلاً لا أمراً (كما يقال في الواتس آب).
[email protected]