بداية، كل التقدير والاحترام لوزير الداخلية الشيخ ثامر العلي، ووكيل الوزارة الفريق الشيخ فيصل الصباح مع التحية والتهنئة بمنصبه الجديد.
أعتقد أن هناك أمورا لم تتطرق لها مناهج كلية ضباط الشرطة وتوصي بها خريجيها، ونحن كمواطنين اكتشفنا ذلك من الممارسات الحياتية مع الأجهزة الأمنية، وعلى سبيل المثال: حسب معرفتي يجتهد ضباط المباحث في البحث وإيجاد مصادر استخباراتية (عيونا وآذانا) للاستشعار بحدث ما، قبل وقوعه، أو البحث عن المعلومات بعد وقوع الحدث ومعرفة أسبابه وفاعليه. (وحسب معرفتي أيضا)، أن تلك المصادر الاستخباراتية %90 منها من إخوانا الوافدين، جزاهم الله خيرا، وبارك الله فيهم، طبعا يفيدون ويستفيدون، إما ماديا أو معنويا، وهذا الأمر يندرج تحت نظرية «كل مواطن ومقيم خفير»، الجميل في الموضوع: أنه لا وزير الداخلية، ولا وكيل الوزارة ولا أي مسؤول في الداخلية يجبر ضابط المباحث على الإفصاح عن اسم من أسماء الأشخاص الذين يزودونه بالمعلومات، ويكتفي بقوله (أحد مصادري) وهذه شهامة ونبل من ضباط المباحث يشكرون عليها، لكن المصيبة في فئة من بعض ضباط المخافر الجدد حيث لم يتعلموا هذا النهج النبيل، فمثلا من مقولة «كل مواطن خفير» لو رأى مواطن أن مواطنا آخر «ولو كان جاره» يقوم بإتلاف مرافق الدولة «كخلع الرصيف، أو سرقة كهرباء من عمود النور... الخ» أو قام بعمل مطبة صناعية دون ترخيص ومخالفة للمواصفات العالمية، وتؤذي كبار السن والمعاقين كمرضى «الدسك» والرقبة والعمود الفقري، فيقوم أحد الجيران بإبلاغ ضابط المخفر بهذا التجاوز غير القانوني، فيؤدي ضابط المخفر واجبه الكلاسيكي، أتدري عزيزي القارئ أين الخلل؟ ضابط المخفر لا يسلك سلوك ضابط المباحث، فحين يستدعي المواطن المخالف «المعتدي على أملاك الدولة» وأول كلمة يقولها له: «جارك فلان مشتكي عليك» وهنا يشعل الضابط فتنة ومشكلة اجتماعية لا داعي لها تناقض نظرية «كل مواطن خفير» ونتيجة لتصرف هذا الضابط وأمثاله، يتعفف المواطنون بأن يكونوا مساعدين للأجهزة الأمنية، ويصبحون «قوم مكاري».
أما الموضوع الثاني: أبدأه بقصة ذلك الديبلوماسي الذي يعمل بسفارتنا في لندن، حيث تعطل جهاز التدفئة في سكنه، فاتصل بأحد المكاتب المتخصصة لإصلاحه، فقال له الفني سأحضر بعد غد، وألح عليه الديبلوماسي «ذو الحصانة الديبلوماسية» أن يأتي الآن أو غدا وضاعف له الآجر، لكن الفني رفض، قال له الديبلوماسي لن يراك أحد، فرفض قائلا: لو رآني جارك، أو سمع ضربة مطرقة أو أي إزعاج لاتصل بالبوليس، ثم أصر على رفضه رغم كل المغريات! أتدري عزيزي القارئ لماذا؟ لأن الوقت كان يوم راحة والعطلة الأسبوعية، حيث إن القانون الانجليزي يحترم ويقدس يوم الأحد، أما نحن في الكويت، فحدّث ولا حرج، رغم أن يوم السبت يوم راحة، والجمعة يوم مقدس للراحة والتعبد، ورغم أن العمالة وهم أيضا مقاولون، جميعهم وافدون «لا يحترمون ولا يخافون من القانون»، فتجد من الفجر أصوات مطارق النجارين، ورمي أسياخ الحديد وتصنيعه، وخلاطات الاسمنت، والأوناش، وصراخ العمال، حيث يفتعلون إزعاجا يفسد على المواطنين والمقيمين يوم راحتهم، وتعبدهم، هذا اليوم الذي أقرّته كل الشرائع والقوانين الدولية، خصوصا في المناطق المسماة اعتباطاً «سكن نموذجي» ولأن هؤلاء العمالة هم مقاولون بأنفسهم يهمهم فقط مصلحتهم وكسبهم المادي كحق لهم، لا يهمهم حقوق الآخرين، ولو أن هذا العامل موظف في شركة مواطن وطلب منه العمل يوم الجمعة بأجر إضافي لرفض العامل بحجة انه يوم راحة ويوم صلاة وغسيل «أو لربما يشتكي في وزارة الشؤون على صاحب الشركة» يطالب بحقه في الراحة، ويغتصب حق الآخرين بالراحة حين يعمل في الجمعة،
أو حين يذهب المواطن أو المقيم إلى المخفر ليمنع هذا الإزعاج في يوم راحته، لقال له الضابط: هذا ليس من اختصاصنا! أو.. ربما يستدعي صاحب المشروع قائلا له: جارك يشتكي عليك!
والصحيح ان الجار يشتكي على الدولة لأنها لا تطبق قوانين الشرع والدستور والأعراف. لقد سطر دستورنا الرباني بقول الله سبحانه: يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون).. والبيع هنا كل عمل وراءه مكسب مادي. لذلك، نرجو كمواطنين، حين يرى رجل الأمن، ورشة عمل بناء أو غيره يوم الجمعة أن يخالف المقاول والعمالة، ويمنعهم لا ينتظر شكوى من أحد، لأننا ككويتيين نصبر على البلوى حتى لا يزعل الجار، والقانون يحمي رجال الأمن.
أسأل الله العلي القدير أن يحفظ بلادنا وأن تكون في مقدمة الدول الحضارية، وأن يطرح البركة في شبابنا حماة الأمن وحراس القانون، وقدوة في الذوق العام.
[email protected]