عزيزي المواطن، يا من تقرأ كلماتي هذه: تخيل لو اتصل بك سمو رئيس مجلس الوزراء ليستشيرك وليعرف رأيك، ثم أخذ به واستحسنه ونفذه.
ماذا تصف اتصاله بك؟ وماذا تسمي هذا الفعل؟ وما شعورك حين يؤخذ برأيك؟ ولو تكرر الاتصال عشرات المرات هل تطالب الدولة بثمن الاستشارات؟ أم تعتبرها عملا وطنيا ومشاركة تطوعية من مواطن في إدارة البلد! وإن إعطاء الرأي ليس أغلى من الروح حين نرخصها فداء للوطن! لذا أحبذ مجلس شورى تطوعيا دون ميزانية ودون مقابل مادي.
٭ تخيل لو تم هذا الاتصال مع كل المواطنين «طبعا بسن معينة» حول نفس الموضوع واستمع سمو الرئيس لكل الآراء ووجهات النظر، ماذا نصف ونسمي هذه المبادرة من سموه؟ وهل تعتقد عزيزي القارئ أن أحدا من المواطنين يرفض إعطاء الرأي والنصح؟ أو يطالب بثمن لما أبداه من رأي؟
٭ وأيضا تخيل كيف ستكون نتائج هذه الاستشارات العشوائية ونوعية القرارات الصادرة عن مجلس الوزراء ومنافعها للناس؟
٭ وأيضا تخيل لو استبدلنا الاتصال الهاتفي المباشر برسائل «مسجات واتساب» تصل لمجموعة من المواطنين تطلب رأيهم ووجهة نظرهم بموضوع مهم، قبل بحثه في جلسة المجلس واتخاذ القرار به.
٭ وتخيل عزيزي القارئ لو أن في مجلس الوزراء وفي كل وزارة هناك إدارة خاصة تسمى «إدارة التواصل مع الشعب بوسائل التواصل الاجتماعي»، وهذه الإدارة تطرح مواضيع وتجمع رأي المواطنين واقتراحاتهم وتلخيصها لعرضها على المسؤولين، وبذلك يكون الشعب مشاركا ومساهما بجودة القرارات النافعة للمواطنين، وبإنشاء هذه الإدارات بكل الوزارات يفتح باب ومجال لتوظيف المواطنين، ونكون قد استفدنا من التطور العلمي وجعلنا كل مواطن خفيرا وخبيرا.
طبعا كل ما سبق كلام افتراضي، لكن القصد منه أن «مبدأ الشورى» التطوعي والحر والخالي من الامتيازات والحصانات والجوازات الخاصة والاستجوابات والانتفاع منها والخلافات الثنائية وسوء إفرازات الانتخابات.. أنا لا أدعو لإلغاء مجلس الأمة، ولكن رأينا مجالس الأمة السابقة تركز على الرقابة وتهمل التشريع والاقتراحات وإبداعات التنمية والتطور.
وللعلم كل اختراع وإبداع يبدأ بخيال ثم ينبت ويترعرع حتى يثمر ثم تدخل عليه تحسينات.
العبرة من هذا المقال هو ما لاحظناه من تأثير ما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي من قيام ثورات، وتأجيج صراعات، وإعلانات، وأصبحت منابع لكسب مادي ضخم، وظهور شخصيات للأسف تستغل أجسادها وما تملك من نعمة ربانية في الكذب والتدليس وخداع الناس، وهذه النوعية اكتسحت محيط هذا التواصل الذي يتسع ويتنوع مع الزمن، لذلك لا بد من توجيه هذه الوسيلة للأفضل والانتفاع بها للخير ومصلحة الشعوب.. كعمل استفتاءات ودراسات ميدانية، لذلك لا بد من إنشاء هيئة تدير وتوجه هذا الفضاء المفتوح لمصلحة الشعب ولا يترك للشواذ، والمفسدين.
[email protected]