أبت المروءة أن تفارق أهلها، ونطق الوفاء بلسان الأوفياء، وطافت بمسائنا مشاعر صدق وحب وتقدير، إنه مساء يوم الأربعاء الخامس عشر من نوفمبر كانت ليلة خميس، سهرة من خلال تلفزيون الكويت، بذكرى وفاة أحد أعمدة الإعلام في الكويت، والذي أسس قواعده وجعل أصله ثابتا وفروعه بكل القارات، وسطر اسم الكويت مع اسمه بعالم السينما والإعلام.. بدأ نشاطه بالكشافة، ثم فنانا، ومخرجا، ومقدما للبرامج الحوارية الهادفة، ثم وكيلا مساعدا للإعلام، فوزيرا للإعلام، ثم كلفته الدولة برئاسة الكثير من مجالس إدارات الشركات الحكومية، إنه المغفور له بإذن الله تعالى محمد ناصر السنعوسي (أبو طارق)، ذلك الإنسان المبدع، الذي وهبه الله صفات عديدة، فهو شجاع باتخاذ القرار، جاد بتحمل المسؤولية، مغامر حتى وإن كان عكس التيار، فمن يجرؤ على إنشاء فندق 5 نجوم بقرية صحراوية، مثلما اقترح السنعوسي، فكان من أكثر الفنادق إشغالا وحجزا لصالات الأفراح، إنها النظرة الثاقبة والحس التجاري.
لو عددت مناقب السنعوسي وأعماله الوطنية لاحتجت صفحات، ومن يتابع ما كتبت سيجد بمقالاتي السابقة اسم محمد السنعوسي يتكرر (وفي حياته) لأني جعلته مثالا للإبداع والابتكار، ورمزا للروح الإيجابية في حب الوطن، وأنا الآن أكتب هذا المقال ليس لمدحه والثناء عليه، فهو معروف، ولن يصله ذلك، فهو عند ربه، وأدعو الله أن يرزقه الجنة ونعيمها، لكن من خلال مقالي هذا أقدم الشكر والامتنان لمن ساهم بالعمل في ظهور هذا البرنامج عن حياة ذلك المواطن الذي ترك بصماته في سجل تاريخ الوطن، لقد رحل بجسده، وذكراه حية بقلوبنا، هذا البرنامج أثلج صدورنا، أتدرون لماذا؟ لأنه أثبت ان أهل الكويت أهل شيمة ووفاء، لا ينسون الفضل بينهم، حتى وان غاب صاحبه، فإن قصرنا بتكريمه في حياته (مع أنه ذاق مرارة الجحود) فإن ذاكرة الشعب لا تنسى من أعطي، من فكره وجهدة وعرقة لوطنه وأهل بلدة، إن إحياء ذكرى المرحوم محمد السنعوسي دليل إثبات لكل من يعمل خير للوطن والمواطنين بأن عمله لن ينسى، وسيكون نبراسا وناقوسا يعيد ذكراه، ففي كل أعيادنا الوطنية نتذكر أبو طارق حين طلب من أهل الكويت أن يرفعوا علم الكويت على بيوتهم فانتشرت فكرته بكل الخليج، لن ننسى أبو طارق حين نرى ونسمع فرقة التلفزيون، لن تنساك الجهراء والدوحة بمدينتها الترفيهية، لن تنساك الكويت بأكملها، ففي كل ركن فيها ذكرى لك.
يقول الإمام الشافعي:
قد مات قوم..وما ماتت فضائلهم
وعاش قوم وهم في الناس أموات
شكرا لمعــالي وزير الإعلام الأخ عبدالرحــمن المطيري ولـــكل من شارك بــرأيه وذكرياته، وهـــم إخوة أعزاء، ولكل من عمل واجتهد من الفنيين، حتى ظهر هذا الجهد على أكمل وجه، وأبو طارق يستاهل.
[email protected]