اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه، لا أتمنى الكتابة في هذا الموضوع، ليقيني بأن هناك من يسيء فهمي وقصدي، ولكن حب الوطن يفرض علي أن أقول كلمتي وأسجلها للتاريخ إبراء لذمتي، أكثر من نصف قرن عاصرت بها أحداثا كثيرة، لم أشعر بالخوف على وطني مثل هذه الأيام، إن ما يحدث بالكويت هذه الأيام «طبخة» على نار هادئة، وبطريقة auto-active وأسلوب «فخار يكسر بعضه» الأمر خطير جدا- نحن نجلد ذاتنا بل نهيئ أنفسنا لقتل أنفسنا، وهناك من ينفخ في النار، أو كما يفعل إبليس يقول لهذا الطرف: أنت الأقوى، وأنت على حق، والجميع معك، فاستمر واستخدم كل ما تملك من قوة، وفي الوقت نفسه يقول للطرف الآخر نفس الكلام، إن ما حدث من اقتحام وكسر باب قاعة مجلس الأمة خطأ لا شك فيه، وله توصيفه القانوني وله منهج لعلاجه في حدود هذا الخطأ، إن ما يخيفني هو أن يكون علاج هذا الخطأ بخطيئة أكبر نتيجة هذا النفخ في النار، إنني ألمح بالأفق البعيد غيوما سوداء قاتمة وخطيرة، وأتمنى أن أكون مخطئا، إن الكويتيين أصبحوا ثلاثة أطراف، الأول(كما يصنف نفسه)هو العقل والقلب ويملك القيادة والمسؤولية والقوة الآلية والمالية والإدارية، ويصف الطرف الثاني بالمؤزمين والغوغائيين والفوضويين..الخ وختام أفعالهم المظاهرات واقتحام مجلس الأمة. أما الطرف الثاني فقد صنف نفسه بالوطنيين حماة المال والدستور والديموقراطية...الخ. ويتهمون الطرف الأول بخرق كل القوانين والدستور وسرقة المال العام والرشوة وتخلف البلد، ومن شدة يأسهم وضعف حيلتهم، فقدوا السيطرة على الشباب.
أما الطرف الثالث (النافخ في النار) فهم بقية الشعب بكل ألوانه وأطيافه، ولكن لكل منهم مأربا ومصلحة، فالتاجر يتبع مصالحه، والقيادي يعزز موقعه، والآخر يجامل، وهناك من يظهر ما لا يبطن، وهناك من ينفذ أجندة خارجية يتمنى فيها «فخارا يكسر بعضه» ليضعف الطرفان فيخلوا لهم الجو.
لا تستصغروا هذه الأحداث، فأشهر الحروب في التاريخ أسبابها تافهة، فحرب «داحس والغبراء» في الجاهلية والتي استمرت 40 عاما كانت بسبب رهان على سباق للخيل بين الحصان «داحس» والفرس الغبراء وكان سبب حرب البسوس ناقة قتلها كليب التغلبي تملكها امرأة تدعى «البسوس» فاستنجدت ببني قبيلتها فانتصر لها البكري فقتل كليب انتقاما للناقة، فدارت المعارك بين القبيلتين 40عاما بسبب ناقة.
هناك حرب قامت بين فرنسا وبريطانيا بسبب شاربي الملك لويس السابع حلقهما من دون استئذان زوجته «إليانو» المالكة لمقاطعتي غويين وبواتو فطلبت الطلاق وبعد فترة تزوجت ملك إنجلترا هنري الثاني ومنحته المقاطعتين كهدية ولأن المقاطعتين تقعان بجنوب فرنسا رفض لويس الاعتراف بتبعيتهما لملك انجلترا، فقامت حرب بينهما استمرت 300عام (1152-1453).
أما في التراث السويسري فهناك حرب قامت بين إقليمي سانغال وابنزيل بسبب صورة «دب» وكان شعار كل منهما ففي عام 1579 استهزأ رئيس سانغال بدب إقليم ابنزيل ووصفه بأنه دب أنثى «وان دبهم هو الذكر» احتج إقليم ابنزيل وطالبوا بالاعتراف بذكورية دبهم فرفض طلبهم فقامت حرب دامت سنتين ذهب ضحيتها آلاف الرجال.
الربيع العربي الحالي سببه ضربة كف من ضابطة بوليس لمواطن بسيط أشعل الثورات بخمس دول حتى الآن.
أتمنى أن تسود الحكمة وأن نطفئ النار التي يريد خفافيش الظلام إشعالها، فالجميع يسعى لمصلحة الكويت بزاويته التي يراها، وما كل مجتهد مصيبا، كل الأطراف أبناء الكويت فلا تعادوهم وتجعلوهم خصوماً، فيحتضنهم أعداء الوطن، ويغسلوا أدمغتهم، فهم ليسوا قتلة ولا لصوصا ولا عملاء وجواسيس، حفظ الله الكويت وأميرها وشعبها من شرور الظاهر والمخفي.
[email protected]