مع كل الاحترام وحفظ الألقاب أرجو أن يفهم مقالي هذا كبحث علمي بعيدا عن العواطف والتجريح.
لبنان واليمن من أقرب الدول لقلب السعودية، وتربطهما صلات رحم حتى مع الأسرة المالكة، ويتلقيان النصيب الأكبر من المساعدات منها، كما تحتضن عددا كبيرا من رعاياهما، وتسعى السعودية لخير ورفاهية شعبي لبنان واليمن.
نبدأ باليمن: وقفت السعودية مع استقرار وأمن اليمن بكل قوة، فساندت الرئيس علي عبدالله صالح (المنتخب من الشعب) لتدور عجلة التنمية والعمران.
ضربت رياح «الدمار» العربي، اليمن فخرج الشعب للشوارع، يهتف-الشعب يريد إسقاط النظام - (جملة قبيحة) النظام شيء جميل عكس الفوضى وبإسقاطه تقوم الفوضى، لكنها رغبة المتظاهرين، وحفاظا على استقرار وأمن اليمن، سعت السعودية من خلال مجلس التعاون الخليجي، إلى «نصح» الرئيس علي صالح بالتنحي (ان كان يحب وطنه) ليجنبه المخاطر، فوافق مقابل صفقة مكلفة:
1-ان يختار هو البديل عنه.
2-عدم محاسبته عن أعماله السابقة.
3- عدم مساءلته: من أين لك هذا؟
4- ان تكون دول مجلس التعاون ضامنة لتنفيذ ذلك.
تم له ما طلب حفاظا على أرواح المتظاهرين واليمن ككل.
لكن«......إن أنت أكرمت اللئيم تمردا» وهذا ما حصل فقد تمرد صالح واصبح المخلوع صالح، وانقلب على حلفائه، وارتمى بأحضان أعدائه الحوثيين الذين دخل معهم بست حروب طاحنة، فهل يصبح العدو صديقا، وهل يأمن بعضهما بعضا؟ لقد فقد عقله، وأضاع دربه، وخسر السعودية والخليج فسقطت كل العهود معه، وسوف يحاسب ويحاكم ويأخذ جزاءه من الشعب اليمني بعد أن كان حاكما 33 عاما كانت السعودية له عونا وسندا ليعم الأمن والاستقرار.
من لا يفهم النصح من الحكماء يضل ويشق.
أما لبنان ذلك القلب الذي ينبض بالحنان، فأصبح حقل الغام، وللمعارك ميدانا...
قتلوا الشهيد، فحيا الشعب وانتفض، وتحررت الارض، لكن بعض النفوس لم تتحرر، وبقيت النوايا مدفونة في قلوب البعض، تنتظر الزمان والمكان الملائم، ولعبتها بحرفنة وتكتيك، شعارها «أنا وخلفي الطوفان» آخر ما يهمها لبنان، مرت على لبنان أزمات وقيادات كثيرة، ومآزق مستعصية، لكن المخلصين كانوا هم الحل.
بعد انتهاء فترة حكم الرئيس السابق ميشال سليمان دخل لبنان بفراغ سياسي مدة طويلة نسبيا نتيجة التنازعات والعناد الذي لن ينتهي إلا بتنازل أحد التحالفين، (وهنا تذكرت قصة ذلك الرضيع الذي ادعت امرأتان بأنهما أمه، فذهبتا للقاضي تحتكمان، فأمر القاضي بسيف ليقطع الطفل إلى نصفين ويعطي كل واحدة نصيبها، فصرخت احداهما: لا تجرحه إني تنازلت عن طلبي ليعيش ابني ولو كان بعيدا عني، فعرف القاضي وبالحق حكم، فالأم تضحي بنفسها لأجل ابنها) لذلك تفهمت لماذا تنازل سعد الحريري أكثر من مرة، رغم إصرار رفاقه (بالحزب والتحالف) على موقفهم وحقهم في ان يكون رئيس الجمهورية من تحالفهم وهم الأكثرية في البرلمان (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة).
وحسب ما قرأت فقد كان للسعودية دور في حل هذا العناد حين أبدت «نصيحتها» بأن استمرار هذا الوضع يدمر لبنان، ولابد من انتخاب رئيس!
هذه «النصيحة» لرئيس التحالف سعد الحريري (لربما) هي من حلت الأزمة (تذكروا نصيحة السعودية للمخلوع اليمني).
فقبل أن يتخذ رئيس تحالف 14 آذار سعد الحريري قراره اجتمع مع الرئيس ميشال عون واتفق على نقاط مشتركة وتعاهدا على أمور تهم لبنان يتم تنفيذها عند نجاح العماد عون في تصويت الرئاسة، فغنم الرئيس عون كرسي الرئاسة، وبالمقابل عانى الحريري من لوم رفاقه على تنازله، لكن الوطن فوق الجميع، فإذا كانت أرواحهم فداء للبنان فآراؤهم كذلك. رغم حبهم لبعض لكن بالنفوس عتب، مرت الشهور ورأى الحريري ما رأى، مما جعله لا يقوى على ما رأى... خصوم يزيدون في الخصومة، ورفاق يثبتون صحة رأيهم ويزيدون في اللوم، وعهود واتفاقات لم تنفذ، وأجواء تشبه مناخ اغتيال والده، انه جو كئيب، لا ينجو منه إلا بالابتعاد عنه، فكانت الرياض مستقره، والاستقالة إزالة لهمه.
إن نصائح السعودية باطنها الخير والسلام وحفظ الأمن والاستقرار للشعوب والأوطان، فمن عمل بها نال الخير له ولوطنه وامته، ومن تمرد أضاع نفسه ووطنه وما سبق أعلاه دليل على ذلك فقد نصحت احدهم بالتنحي عن الرئاسة (وهو حليفها) مقابل الفوز ببراءة الذمة، وبمكان آخر «نصحت» بأن تتسامى النفوس فوق الجراح ويقبل برئيس آخر رغم انه من حلف خصومها لحفظ الأوطان والشعوب.
تذكرت أول بيت الشعر
«إن أنت أكرمت الكريم ملكته.......»
لله درك يا مملكة الحكمة والإنسانية.
[email protected]