«نعمة» ثمنها الحمد لله والشكر لصاحب النعم، الذي أمرنا بقوله سبحانه: (وأما بنعمة ربك فحدث) والتحدث هنا يجب أن يكون شاملا بكل تفاصيله، من الألف الى الياء وليس قطف الثمرة فقط، بل من بداية غرس البذرة ورعاية النبتة..الخ.
احتفلنا بيوم الاستقلال (والاستقلال نعمة) لكن هل عرفنا تفاصيله من أ إلى ي؟ هل تذكرنا الشيخ مبارك الصباح (غفر الله له) الذي سعى عام 1899م لإبرام معاهدة مع بريطانيا «لحماية الكويت» (قبل اكتشاف النفط)؟ هذه المعاهدة رغم ما تعنيه من تبعية للانجليز إلا انها رسخت وأثبتت استقلالية وخصوصية الكويت عالميا، وحصنتها من الغزو العثماني الذي استولى على أغلب الدول العربية فميزتها عن جيرانها، بمعاهدة ورقية لا تضمر أطماع المستعمرين بل أصبحت وثيقة تاريخية وبرهانا على استقلالية الكويت منذ مئات السنين.
هذه المعاهدة مدة سريانها حتى عام 1999م (100عام تقريبا). لكن بعد مضي 62 عاما من عمرها، برز لها بفكره وسياسته بطل الاستقلال وأبو الديمقراطية ومهندس نهضة الكويت الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح طيب الله ثراه لفك الارتباط، فمثلما سعى جده مبارك الصباح حين استشعر أن الظروف حوله تحتاج الى معين ارتبط مع الانجليز بمعاهدة الحماية، وحين استشعر حفيده الشيخ عبدالله السالم الصباح ان الوقت مناسب لإنهاء هذه المعاهدة و«التحرر» من الانجليز فك الارتباط بشخطة قلم (رغم تدفق النفط- كمطمع- ورغم عدم انتهاء مدة المعاهدة) إنه «تحرر واستقلال» دون قطرة دم واحدة، ولا دمار، انها حكمة حاكم، لشعب وفي.. فكان الاستقلال في 19/ 6/ 1961 وتم اعلانه في الساعة 6 مساء عبر اذاعة الكويت.
من وفاء هذا الشعب لأميره الحكيم تم اختيار 25 فبراير وهو يوم تسلم بطل الاستقلال لمسند الإمارة، ليكون يوما للاحتفال بالاستقلال كل عام.
أما 26 فبراير فهو نهاية غدر جار يسمى شقيقا «وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند» غدر لا شبيه له بالتاريخ ينطبق عليه القول «اتق شر من أحسنت إليه» ولأنه غدر غريب، أصبحت الكويت وأهلها بوضع أغرب، نمسي مواطنين كويتيين ونصبح بهوية أخرى، غرباء بوطننا ولاجئين بأصقاع الأرض، بعد أن كنا نعطي، أصبحنا نأخذ، «ولله في خلقه شؤون» انها حكمة الله فانظروا اكتمالها.
لقد رفع شعب الكويت يده تضرعا لله قائلين: اللهم أرنا عجائب قدرتك بالظالم فكانت قصة التحرير آية، لقد سخر الله كل بلدان العالم لتحرير الكويت (إلا دول....) لن ننسى مارجريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا وحماسها العجيب حين قطعت زيارتها لأميركا وحثت الرئيس الأميركي «بوش» للتدخل السريع.
لم يتفق الخصمان أميركا والاتحاد السوفيتي على أمر منذ نشأتهما الا على تحرير الكويت، وبعد التحرير عادا لخصومتهما بل تفكك الاتحاد السوفيتي وكأن عصا نبي الله موسى ضربت الخصومة فتوقفت وبعد مرور التحرير عادت لحالتها الاولى (انها آية أخرى)، إن استعداداتها وعدد جندها كأنها حرب عالمية لكن خسائرها كانت شبه معدومة.
إن ما حدث للكويت كان ابتلاء عرفنا به العدو من الصديق (جزى الله الشدائد كل خير ** عرفت بها عدوي من صديقي).
وعرفنا ان اعمال الخير التي تخرج من الكويت رسمية أو شعبية كانت تقي مصارع السوء، وأحد أسلحة التحرير، حيث انقطاع الصدقات الجارية جعل المنتفعين بها يدعون على الظالم، (إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون).
لم تكن حرب تحرير الكويت حربا تقليدية بل كانت قدرة الله تقودها، وللكويت رب يحميها، ولله جند «طير الابابيل» قصفت جيش الغزاة، (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها).
الخلاصة: لن ننسى فضل كل من له فضل علينا
ولن ننسى ألم الغدر والجحود
ولن يغير أبو لهب دينه.
[email protected]