مشاريع الدولة دائما ينقصها الحس الإنساني، وكأنها مشاريع «ترتيب صناديق في مخزن»، تخطط لمدن بعيدة، تبعد اكثر من 100كم بل قرب الحدود ولا تفكر كيفية الوصول لتلك المدن، إن كان طريق صحراوي موحش، تغطيه رمال الغبار «السافي» كمدينة الخيران ومدينة جنوب صباح الأحمد السكنية، وغيرها من المدن الجديدة، لم اكن اشعر بمعاناة هؤلاء البشر حتى أجبرتني الظروف على أن استخدم طريق الملك فهد السريع المؤدي إلى تلك المدن «يوميا وبكل الأوقات»، رأفة بحال اخواننا في الإنسانية والدين والجنسية وربما صلة رحم، حيث أرى المرأة أو البنت التي تقود سيارتها بمفردها يوميا، عائدة لمنزل الأسرة ليلا وتمر على أماكن موحشة وغير مسكونة، يشاركهن الطريق شباب مراهق «قاصدين الشاليهات» فكم تمنيت أن تكون في الطريق مراكز أمنية ثابتة على شكل ابراج مراقبة «بسيطة البناء» مزودة بكاميرات تصور وتسجل، ومتصلة بأقرب مخفر، وحتى لا نحرج وزارة الداخلية بهذا الاقتراح تكلف شركات الأمن الخاصة بالمراقبة.
٭ رغم تألمي لمستخدمي طريق السفر هذا، شعرت بفرحة متواضعة، ألا وهي انتشار عربات بيع الآيس كريم على جنبات الطريق، ومن الفرحة أخذت اشتري من كل عربة أمر عليها تشجيعا لهم، (لإحساسي بأنهم كأبراج المراقبة اللي في بالي).. لكن حسي الإنساني عاد يشاغلني مرة أخرى فحين رأيت هؤلاء الباعة يتصببون عرقا لشدة لهيب الشمس، وشعر رأسهم أبيض من الغبار، يرجون ربحا لا يزيد على 20 فلسا في العلبة، وهم يؤدون خدمة لنا لا تقدر بثمن يغفل الناس عنها، هي توفير خدمات ضيافة، وماء بارد في مكان مقطوع «وليس في الافينيوز»، وددت لو ألزم كل السيارات المارة بالشراء منهم كدليل لشكرهم على أن أحيوا هذا الطريق الخالي من الحياة، فمن باب الرحمة والصدقة والإحسان أفرحوهم ولو بنصف دينار، لا تنسوا هؤلاء المساكين حين تمرون عليهم بسياراتكم المكيفة وهم في لهيب الحر «حسنة لله» فلو تقوم البلدية ببناء استراحات على الطريق على شكل مظلات من القرميد بأشكال وألوان مختلفة «كشكل الشمسية بعمود واحد» وأن تنشئ الجمعيات التعاونية فروعا لها «انها مواقع مربحة» وتحتوي على بنشرچي وميكانيكي.
٭ أما ما أغضبني وشعرت بالعقوق لـ«أمنا الكويت» التي رضعنا من خيرها ولم نبرها، فتلك المحطات «الشافطات للمال» كمحطات البنزين والوجبات السريعة كل أولئك لم يبادروا ولو بزراعة نخلة واحدة أو أي نبتة تزين مكانهم وتضفي على المكان جمالا وظلالا لكسب الثواب!! «أرجوكم لاحظوا ودققوا في تلك المواقع المقفرة» هم شطار في بيع سلعهم وأخذ مواقع من الدولة، لكنهم لا يساهمون مع الدولة في التخضير ولا بحسهم الوطني، في تجميل ما حولهم، ولو لمنفعتهم.
الكويت تستاهل، فالتفتوا إليها وجملوها، فجمالها يدل على ذوق الشعب وأولهم المسؤولون في الحكومة.
٭ لمن يهمه الأمر: الأخ م.أحمد المنفوحي بعد التحية، كلنا أمل في أن تطلقوا على جسور «U تيرن» الكثيرة في طريق الملك فهد السريع مسميات لتحديد موقع مستخدم الطريق عند الطوارئ، والحوادث، ولو بأسماء السفن الخشبية البحرية القديمة مثل «البوم - السنبوك - الشوعي - الجالبوت - التشاله..الخ» وهي اسماء متعارف عليها بالخليج أو تكون بألوان مختلفة تسمى بها «كالجسر الأزرق.. الخ».
اللهم سخر لنا عبادك القارئين والسامعين في حكومتنا «الإنسانية».
[email protected]