في أول وهلة سيتبادر إلى ذهنك قوله جل ثناؤه: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون) هذا حق.
فالشهداء أموات في الدنيا، وقبورهم تشهد على مثواهم، ومكان القبور عموما هو المقبرة، وفي بعض الدول تجد مسمى «مقبرة الشهداء»، أو ساحة الشهداء، أو نصب الشهيد (أو الشهداء) أو الجندي المجهول، كل هذه المسميات (الشهداء) توحي ويستشعر من يسمعها بأنها تخص الأموات وليس الأحياء.
في أواخر عام 1966 تأسس ناد رياضي بالجهراء واقترح تسميته «نادي القصر الأحمر» تكريما لشهداء القصر الأحمر، ثم وجد مجلس الإدارة أن الاسم طويل، وان القصد من التسمية (بطريقة غير مباشرة) هم شهداء القصر الأحمر، فاتفقوا على تسميته بـ«نادي الشهداء» واستمر بهذا الاسم 13 عاما خلال هذه السنوات عانوا من النقد والغمز واللمز، من الجماهير الخصم: الشهداء يلعبون؟ فريق الشهداء وصل.. وصل من أي مقبرة؟
الشهداء فازوا بالكأس! الشهداء يفوزون بالجنة إن شاء الله وليس بكأس.. إلى آخر هذه التعليقات.
في عام 1979 استبدل اسم الشهداء باسم الجهراء. فأصبح النادي يمثل أهالي محافظة الجهراء الأحياء.
رغم هذه التجربة الواقعية، تعيد الحكومة الخطأ وتسمي منطقة بـ«منطقة الشهداء». اللهم احشرنا مع النبيين والصديقين و«الشهداء».
الشهادة منزلة عالية عند الله ينعم بها على من يشاء من عباده ليسكنهم جناته، وحكومتنا تتساهل بالمسميات، تذكرت دعاية إعلانية (لكاكاو باونتي) عرضها تلفزيون الكويت منذ 40 عاما ملخصها صورة لبحيرة وزروع وقارب ورجل وامرأة بلباس البحر يبحثان عن الكاكاو ومعلق يقول: «يبحثون عن الجنة فوجدوها» أثارت هذه الجملة حفيظة كبار السن قائلين: نحن مسلمون نصلي ونصوم ونحج ولم نجد الجنة، فكيف لهؤلاء العراة الكفار أن يجدوا الجنة..وفي الدنيا، فتم منع الإعلان، المصيبة ان الحكومة تكرر خطأ التلفزيون فأوجدت الفردوس (وهي أعلى مراتب الجنان) في الكويت، حيث أطلقت اسم الفردوس على منطقة (عين بغزي) التاريخية، وطمست التراث فكم من قصص وأحداث ذكرت بئر الماء «عين بغزي» كواحة للقوافل والإبل تروي ظمأها من ماء تلك العين، وكموقع جغرافي (احداثيات أجدادنا).
كنا نرجو من الحكومة الموقرة أن تعيد الحقوق لأصحابها فعلى الأقل تحتفظ بنصف الاسم وتطلق عليها اسم منطقة «العين» إنه اسم يرضى به الجميع.
والشيء بالشيء يذكر فمنطقة «الجابرية» الحالية هي منطقة «بيان» الأصلية كما كان يسميها أجدادنا حيث كان قصر بيان للشيخ أحمد الجابر الصباح وموقعه شمال شرق مستشفى مبارك حاليا.
كذلك منطقة «هدية» سميت نسبة إلى «معركة هدية» التي يخجل كل كويتي من ذكرها لكن حكومتنا تصر على تذكيرنا بسواد وجهنا فمعركة هدية سميت كذلك نسبة الى معركة لم تحصل حيث هرب الكويتيون من وجه العدو وتركوا عدتهم وعتادهم وكأنها هدية للعدو فسميت معركة هدية.
مصر أنشأت ثلاث مدن، بثلاث مسميات لمعركة واحدة (حرب 1973).
مدينة 6 أكتوبر ومدينة العاشر من رمضان، ومدينة العبور، ولم تسم مدينة بمدينة «نكسة 1967» كما فعلنا نحن.
لدينا مشكلة في التسميات، ولدينا بلادة في ردة الفعل، حين تخرج علينا مسميات جديدة، لا نستفسر عنها ولا نحتج ولا نصحح، ونخلط الحابل بالنابل، ونبعثر معالم تراثنا، ونشوه تاريخنا.
كفى عبثا، متى وقت التصحيح؟ فرحم الله قوما أعادوا الأمور إلى نصابها، وأورثوا أبناءهم التراث المشرف الصحيح.
[email protected]