لا تهمني أعياد الميلاد، ولا تهمني حسابات التاريخ، جلّ اهتمامي بدقات قلب الوطن، ونبض قلوب أبنائه، وطني اليوم ليس كما أعرفه، إنه عليل.. رغم بريق عينيه، يتألم رغم ابتسامته البيضاء.. أنين وطني أسمعه.. رغم الضجيج، أسمع آهاته تخرج من جوفه.
يا أبناء الكويت، إن وطنكم به علة في أحشائه (طفيليات، بكتيريا، فيروسات) لم تنفع معها مسكنات، ولا مضادات لأنها علة مستوردة وعلاجها مستورد وفاسد.
يا أبناء بلدي، وطني حالته تسوء، ونحن نخفي أعراض مرضه، ونضع «الميك اب» والمكياج حتى نخفي اصفرار وجهه، نستمتع بمديح المنافقين الكاذب له، وأجدادنا حذرونا من المديح وما يليه «امدحه وخذ عباته».
لدي اعتقاد خاص بي يطمئنني ويهديني دائما بأن وطني «ربي يحبه ويحميه» واسمحوا لي بالتجاوز في التشبيه والمقارنة: فكما هاجر خليل الرحمن «إبراهيم» عليه السلام بأمر من الله الى «واد غير ذي زرع» أرض لا حياة فيها، فانشقت الأرض بماء زمزم (وقود الحياة) فجعل أفئدة من الناس تهوي اليهم، ورزقهم من الثمرات، فكانت مكة المكرمة حرم الله وقبلة المسلمين، ثم طمع بها أبرهة الحبشي وغزاها، فسخر الله لنصرتها طيرا أبابيل من فوق سبع سموات لتحريرها، وأهل مكة خارجها وفوق الجبال ينظرون،
الله سبحانه وتعالى يقول: (وفي الأرض آيات للموقنين*وفي أنفسكم أفلا تبصرون*)
(وتلك الأيام نداولها بين الناس) وكأني بعد ألف عام أشاهد نفس القصة: يأمر الله بعض البشر بالهجرة إلى الكويت القاحلة «غير ذي زرع» ثم تنشق الأرض وينبع النفط (وقودا للحياة وثروة) ثم جعل الله أفئدة من الناس تهوي إليهم، ورزقهم من الثمرات. وكما أن لله عبادا يحبهم ويحبونه، لله أماكن اختصها بمحبته لا يعلمها إلا هو سبحانه، حماها من الزلازل والبراكين والفيضانات، والأمراض والأوبئة، ورزقها بشمس تعقم، وغبار يفرم ما يحوم بالجو، إنها علامات ربانية، نشعر بنعم الله من خلالها، آيات الله ومعجزاته لا تنقطع عن عبادة، ومجالات التفكر في خلق الله لا حصر لها، فمن طرق هذا الباب رأى في كل شيء آية (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها).
هذا وطني (صنع الله الذي أتقن كل شيء) [النمل: 88]، فلا تعبثوا بخلق الله وتعكروا نقاءه، وتشوهوا تركيبة سكانه، فكل إنسان في الدنيا يفخر ويعتز بوطنه، وقلبه متعلق به، وولاؤه لا ينازعه أحد عليه، مهما استبدل هويته «ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه».
فيا أبناء وطني، الكويت أمانة بحلوها ومرها، وبكل عيوبها لا تيأسوا من الإصلاح، وثقوا أن كل كويتي يسعى لذلك، مهما اختلفت آراؤهم، فلا يصح إلا الصحيح.
[email protected]