يعز على نفسي أن اكتب هذا المقال ولكن صبري وصل الى حده، والمثل الشعبي الذي كان أجدادنا يرددونه ويرسخونه في عقولنا هو «إذا الشيء زاد عن حده انقلب ضده». كل شيء في بلدي زاد عن حده، ولهذا السبب انقلبت كل الأمور إلى ضدها، ديموقراطيتنا انتكست وكرهناها، علاقاتنا الاجتماعية انتكست
(وأصبح العزاء بالمقبرة فقط) وكثر الطلاق، وأصبحت المحاكم تراسلك «بالمسجات» لتخبرك بأن شخصا اشتكى عليك (وهي خدمة حديثة) وأصبحت المحاماة مهنة رائجة، والسبب زاد القانون في حياتنا عن حده، فحين نختلف في لعبة الكوتشينة أو الرياضة نلجأ للقانون والمحاكم وكأن ذلك حضارة ومدنية، إن القانون والمحاكم هي آخر العلاج، ونحن عكسنا الناموس، ونحن نسمع قول الله عز وجل: (فمن عفا وأصلح فأجره على الله).
«الصلح خير» ونناجي ربنا «بالغفور الرحيم» ونحن لا نغفر ولا نرحم، ونتباهى بأننا دولة قانون، وهذه الثقافة زادت عن حدها، رغم أن أميرنا
أمير الإنسانية والسلام ودائما ما يسعى سموه للصلح، والكويت تعطف وتحن على كل شعوب الأرض، لكنها قانونية «حدها» مع شعبها والدليل أن العمالة الوافدة التي تدعي أنها مهنية تعبث بممتلكات الشعب وتفسدها وحين يثبت أنهم ليسوا مهنيين أو فنيين (وبعد خراب الممتلكات) يقول لك هذا المهني الفاسد: sorry آسف مع السلامة. «والقانون لا يحمي المغفلين».
خلاصة القول لابد ألا نترك هذه المهن (كهربائي، نجار، حداد، ميكانيكي، بناء، مساح، صباغ....الخ) سوقا رائجة لكل من هب ودب يتعلمون المهنة بأموالنا وممتلكاتنا، وتصبح مشاريعنا على شفا جرف هار معرضين حياتنا للخطر، لماذا لا تطبق قوانين تلك المهن عليهم؟ لو أراد
كويتي أن يفتح مكتبا أو عيادة أو كراجا تطبق عليه كل قوانين الأرض، أما الوافد فمن المطار يقول أنا ميكانيكي أو أنا سباك.. الخ، من يمنعه؟
هل لهذه المهن شهادات ترفق بالعقود؟
لذلك نقول إن التسيب والفوضى زادا عن حدهما.. ولابد من وقفة لمراجعة ضميرنا.
ماذا أقول؟ كل شيء انقلب لضده، الحارس اصبح لصا، والأمين خان أمانته، والدينار صار معيارا للاحترام، والسفلة صاروا أعلاما، والوطنية مجرد شعار وأغاني، لدي شعور بأن وطني يذوب، أو يبتلعه سرطان الفساد، ونحن نتفرج.. أسأل الله العظيم أن يحفظ الكويت وأميرها وشعبها ومن عليها وأن يسبغ عليها نعمة الأمن والأمان والرخاء والا نكون ممن قال فيهم الحق سبحانه: (ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون).
[email protected]