وصلني تقرير «بالواتساب» عجيب.. عن نشاط وهمة ووطنية شباب فريق طوارئ بلدية العاصمة، هذا الجهد الإعلامي (والإضافي على واجباتهم الوظيفية) يستحق كل الشكر والتقدير.
«عشيرج» تلك المنطقة التي يطلق عليها خبراء العقار بـ«الفص» نسبة إلى فص الخاتم الذي هو الأغلى. فعند وقوفك على رأس الأرض في عشيرج كأنك تطل من نافذة طائرة، ترى على يمينك سواحل العاصمة بأبراجها وعماراتها الشاهقة، ومن أمامك جزيرة أم النمل وتلال الزور، وعن يسارك سواحل الصبية وبوبيان، انه منظر خلاب، غفل عنه المسؤولون المبتكرون، وسال لعاب أرباب الاستثمار عليه، وفاضت قريحة المبدعين من جماله، إني أدعو كبار رجال الدولة وأصحاب الإنجازات الى زيارة رأس عشيرج ليكون لهم السبق والكسب في إحياء هذا الموقع.
وكوني مواطنا بسيطا أتمنى من أعضاء المجلس البلدي أن يزوروا «عشيرج» وان يجعلوا من هذا الموقع منفعة عامة لكل الشعب، وواحة للترفيه عن النفس بمشاريع مثل جزر صناعية صغيرة للمقاهي والمطاعم وألعاب مائية للأطفال.
وحتى أكون منصفا، فكل الشكر والتقدير لرئيس وأعضاء مجلس الوزراء حين اصدروا قرارهم رقم 696 بإزالة كل المرافق القديمة والمعوقات على ساحل عشيرج، والشكر موصول لمن يقوم بالتنفيذ، وزير الأوقاف وشؤون البلدية فهد الشعلة، ومدير البلدية م.أحمد المنفوحي ونائبه م.فيصل صادق، ورئيس فريق طوارئ العاصمة زيد العنزي وزملائه الأبطال.
وللوطن والمواطنين أمل لعله يتحقق:
كلنا أمل ورجاء في سمو رئيس مجلس الوزراء.. فسموه يعلم أن «سيف» الكويت من الشرق إلى القبلة كانت تضم العديد من «النقع البحرية» وسموكم يعلم ماذا تعني «النقعة»، إنها الحصن والمرفأ لسفن الكويت الخشبية، وفي بعض «النقع» ورش لصناعة السفن الخشبية أو ترميمها، يعمل بها عباقرة من الصناع يقومون بتصميم، وتنفيذ سفن عابرة للقارات خبراء وفنيون مهرة بالفطرة، لا يعرفون نظرية أرخميدس، ولا حساب المثلثات، ودون شهادات، إنهم «قلاليف الكويت»، الذين شهدت لجودة صناعتهم المحيطات والبحار، ففي منتصف الخمسينات قامت الحكومة بتثمين جميع «النقع» وإزالتها مع إعطاء أصحابها مواقع بديلة في الدوحة «عشيرج» لنقل السفن الموجودة، ونقل ورش القلاليف، لاستمرار هذه الحرفة التراثية والمحافظة عليها، وفعلا كان ما تمنته الحكومة، واستمرت هذه الحرفة اليدوية تقاوم طوفان التكنولوجيا، ويقاوم موقعها إعصار الاستثمار التجاري، فانهارت كل المواقع واستسلمت، إلا موقع واحد يتيم تحدى وانتصر لكنه كالأسد المشلول، إنها موقع قسيمة لأحد القلاليف، بمجرد أن تقف عند بابها يعود بك الزمن 100عام للوراء، وحين تسير بأرجائها كأنك بمتحف يحتوي على كل ماهو قديم لكن الأجمل أن التحف هي وسائل ومواد النجارة القديمة بمكانها الطبيعي العفوي، لم يغيره الزمن
وللعلم كان آخر تاريخ لتجديد الرخصة التجارية في عام 1959.
لذا أناشد المسؤولين أن يستنفروا وبسرعة بالتحفظ على هذه القسيمة التراثية بمحتواها قبل أن يعبث بمحتواها المتطفلون أو تنهب مكوناتها، أو تجرفها وتمحيها الجرافات والبلدوزرات.
يا ممثلو الأمة هذا هو التراث «موقع وحرفة يدوية قديمة من مئات السنين» صنعت للكويت رزقا ومجدا وقوة، بأدوات بدائية تحمل بصمات كويتيين أصبحوا تحت ثرها، يرحمهم الله إنها «حضارة سادت ثم بادت» هذا هو «التراث» وليس مجمع الصوابر الذي بيوت الضاحية والنزهة أقدم واكثر تراثا منه... إن أمثالي من كبار السن ممن عاصر تلك الحقبة، يعتصر قلبه ألما وحسره مما يراه ويسمعه، حتى بيوت الله العتيقة (الأسمنتية) التي صلى بها آباؤنا ونشأنا على آذانها، منذ 70 عاما وأكثر لم يعتبروها«تراثا» ليشفع لها هذا المسمى من الإزالة.
الله المستعان.
٭ كلمة وفاء: إلى زميلتنا وأختنا الكاتبة حنان بدر الرومي بأحر التعازي بوفاة والدتها يرحمها الله.. عظم الله أجركم وأحسن الله عزاكم.
[email protected]