من سبل استجلاب النصر او الفوز ـ أيا كان ـ الإعداد له مهنيا ووضع خطط له مع دراسة الاحتمالات المتوقعة من الخصم مبادرة منه أو ردة فعل عليك، فلكسب قضية والفوز بها لابد من إعداد صحيفة قضائية قوية الأركان مدعمة بمبادئ الأحكام بطلبات صريحة جازمة مع الأخذ بالحسبان ردود الخصم المتوقعة والمفاجئة أحيانا، وكذلك للفوز بمباراة رياضية لابد من إعداد لاعبين أصحاء ذوي لياقة لا يفترون طوال التسعين دقيقة بالملعب مع دعمهم بخطط هجومية ودفاعية فضلا عن سد منافذ الخطر من الخصم. وأعم من ذلك وألزم ما على مجلس التعاون الخليجي تجاه إيران بالاستعداد لمواجهة خطر عسكري داهم تلوح بوارقه بالأفق، فتصريح رئيس القوات المسلحة الإيرانية بتهديده لدول الخليج وانها ملك لإيران يستحيل أن يكون رأيا شخصيا او اجتهادا فرديا، فهل أعدت دول الخليج العربية القوة وربطت العتاد وخططت الخطط فاستجلبت النصر ولم تستجده من الغرب او غيرهم؟ ان أول طرق استجلاب النصر ظهور هذه الدول في مواجهة إيران كدولة واحدة موحدة عسكريا ومهنيا وخططا دون تخاذل أو تراخ لأي سبب، فالطوفان إن أتى لن يقف عند دولة دون أخرى وإن كانت العلاقات متينة لإحدى دول المجلس او بعضها كما يدعي البعض مع هذه الجارة قال تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) قال ابن كثير رحمه الله في التفسير وقد ضمنت لهم العصمة عند اتفاقهم من الخطأ.
اما الطريق الثاني فإنه المبادرة باتخاذ إجراءات احترازية وعسكرية معلنة فذلك أدعى لتوازن القوى وتغيير وجهة ونية المهدد كالمناورات الحربية المشتركة برا وبحرا وجوا. اما ثالث الطرق فإصدار بيان من مجلس التعاون موجه لإيران يعلمهم أن عهد الجيرة ومواثيق العقود الى نهاية نتيجة هذه التصريحات الناطقة بحرب غير معلنة وقد قال تعالى (وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء) قال الطبري رحمه الله بتصرف في تفسير الآية متسائلا هل يجوز نقض العهد بخوف الخيانة والخوف ظن لا يقين؟ قيل: إن الأمر بخلاف ما إليه ذهبت، وإنما معناه: إذا ظهرت آثار الخيانة من عدوك وخفت وقوعهم بك، فألق إليهم مقاليد السلم وآذنهم بالحرب وذلك كالذي كان من بني قريظة الذين غدروا بالنبي صلى الله عليه وسلم ونقضوا عهده بمظاهرتهم المشركين وإعانتهم بغزوة الأحزاب.
ورابع الطرق لابد من تطهير العسكر ضباطا وأفرادا من أي توجهات مخالفة لسياسة ومنهجية الدولة بما يناقض الإخلاص لها ويتعارض مع قسم اليمين السابق منهم لها، فحاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه سعى لإفشاء سر النبي صلى الله عليه وسلم بتحذير قريش من مسير النبي صلى الله عليه وسلم عليهم فلما حيل دون ذلك بتقدير الله سبحانه وعلمه الذي أخبر به نبيه حاكم النبي صلى الله عليه وآله وسلم حاطبا بسماع اقواله في ذلك بأن له أقارب عند قريش يخاف عليهم فأراد ان يجعل له يد عليهم فلا يضروا أقاربه وسمع ايضا قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي طالب بقتله لخيانته ونفاقه بتجسسه ثم حكم القاضي العادل بالعفو عن حاطب لسبق ثباته في غزوة بدر الكبرى في وقت قلة ولإيمان قوي في وقت فتنة ولمحاربته الى جانب الملائكة قائلا «لعل الله اطلع على أهل بدر وقال افعلوا ما شئتم قد غفرت لكم»، مفاد ذلك أنه لولا ذاك الموقف المشهود الذي أظهر صدق وإخلاص حاطب رضي الله عنه لكان الحكم مختلفا.
هذه طرق مستخلصة من سيرة خير وأحكم البشر صلى الله عليه وآله وسلم لعلها تجد صدى باللقاء التشاوري لقادة دول مجلس التعاون الخليجي المنعقد حاليا بالرياض أو الوزراء المختصين في كل دولة.
[email protected]