على مدى الأزمان السالفة لا يسقط حكم وتذهب سلطة إلا بعد أن يجتمع عادة بالسلطة الحاكمة المثالب التالية: عنفوان مقترن بكبر، تسلط مقترن بجبر، هيمنة مقترنة بمذلة، ورأي واحد يقترن تنفيذه بالقوة، ناهيك عن شؤم أعمالهم بسلب الأملاك الخاصة او العامة ومصادرتها دون رضا ودون مقابل، والترفع عن الخضوع للحقوق والتعالي عن سماع حجة من له دليل، متجاهلين قول المصطفى صلى الله عليه وسلم «فإن لصاحب الحق مقالا» فألجموا الألسن وتعدوا بالفعل.
ظن المتربعون على رأس الحكم دوامه فغرسوا حلية الدنيا بأولادهم وأشربوهم حب المناصب وتوجيه الأوامر وملكية الدولة، لسان حالهم مقولة قارون التي نقلها لنا الله سبحانه بكتاب العزيز (قال إنما أوتيته على علم عندي) فرد الله سبحانه عليه وعلى كل من هو على شاكلته (أولم يعلم ان الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا: القصص ـ 78) أوغل الحكام الجائرون بأبنائهم فهم أنهم ورثوا ما هم فيه كابر عن كابر وانه نعيم مقيم بجذور متعمقة لا تنزع فكان حالهم كحال صاحب المزرعة الفارهة جوا وخضرة وفاكهة الذي قال لما دخلها وهو ظالم لنفسه (ما أظن أن تبيد هذه أبدا، وما أظن الساعة قائمة: الكهف ـ 35 و36) فأتى أمر الله سبحانه الذي ينزع الملك ممن يشاء وتركهم كمزارعهم خاوين على عروشهم بل ومطاردين للاقتصاص منهم.
ومما اجتمع هؤلاء الحكام الجائرون عليه من صفات معيبة إضافة لما سبق رؤيتهم للشعب بعين نقص ونظرة دنو فها هو طاغية ليبيا قذاف دم الأبرياء يسمى معارضيه بالجرذان وحاكم سورية يسميهم بالمرتزقة الإرهابيين وغيرهم، فهم بهذا رأوا الشعب لهم مخلوق ولأوامرهم مطيع ولإذلالهم منصاع وصموا آذانهم عن مقولة عمر بن الخطاب «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا» وتناسوا ان كبت السنين وجور الإهانة لعقود تربو على الـ 3 إذا ظهر انفعالها والرد عليها فإنها لا تدحر إلا ببلوغ الأماني او الموت دون المبتغى.
خلاصة ما يجري في عالمنا العربي تصديق قول الله جل جلاله وانطباقه (وتلك الأيام نداولها بين الناس) فحق الاعتبار وألا يأمن ـ أيا كان ـ من دائرة الدنيا عليه وخاصة الظالمين المتعدين هاضمي الحقوق العامة والخاصة وقد أجمل الشيخ صالح المغامسي، حفظه الله، سبب تلك الثورات بأنها نتيجة دعوات مظلومين تعهد الله بنصرها ولو بعد حين.
lowwersalmam@tewttir